مما يعلم به أنه صدق، فإن المخبر إنما يؤتى من جهة تعمد الكذب،
ومن جهة الخطأ، فإذا كانت القصة مما يعلم أنه لم يتواطأ فيها المخبران، والعادة تمنع تماثلهما في الكذب عمدا وخطأ، مثل أن تكون قصة طويلة فيها أقوال كثيرة، رواها هذا مثلما رواها هذا. فهذا يعلم أنه صدق.
(من الأدلة على صدق الأنبياء)
وهذا مما يعلم به صدق محمد وموسى صلى الله عليهما وسلم، فإن كلا منهما قد أخبر عن الله وملائكته وخلقه للعالم، وقصة آدم ويوسف وغيرها من قصص الأنبياء بمثل ما أخبر به الآخر مع العلم بأن واحدا منهما لم يستفد ذلك من الآخر، وأنه يمتنع في العادة تماثل المخبرين الباطلين في مثل ذلك، فإن من أخبر بإخبارات كثيرة دقيقة عن مخبر معين لو كان مبطلا في خبره لاختلف خبره، لامتناع أن مبطلا يختلق ذلك من غير تفاوت، لا سيما في أمور لا تهتدي العقول إليها، بل ذلك يبن أن كلا منهما أخبر بعلم وصدق، وهذا مما يعلمه الناس من أحوالهم، فلو جاء رجل من بلد وأخبر عن حوادث مفصلة حديثا فيه
صفحه ۶۲