رسالة إلى أهل الثغر
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
پژوهشگر
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
ناشر
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
شماره نسخه
١٤١٣هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
عقاید و مذاهب
ثم رد على المنكرين لرسوله ﷺ بقوله: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدىً لِلنَّاسِ﴾ ١ وقال: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ ٢.
ثم احتج النبي ﷺ على أهل الكتاب بما في كتبهم من ذكر صفته، والدلالة على اسمه ونعته٣، وتحدى النصارى لما كتموا ما في كتبهم٤ من ذلك وجحدوه بالمباهلة عند أمر الله ﷿ له بذلك بقوله تعالى٥: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ ٦.
_________
١ سورة الأنعام: آية (٩١) .
ولقد ساق ابن جرير في تفسيره روايات عديدة تفيد أنها نزلت في اليهود، وروايات تفيد أنها نزلت في المشركين، وهو الراجح لمناسبة السياق، لذلك عقب ابن جرير على الروايات بقوله: "وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل ذلك، قول من قال: عني بقوله: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ مشركو قريش". (انظر: جامع البيان ١١/٥٢٤) .
والآية توبيخ شديد للكافرين بنعم الله على عباده، المنكرين لنزول الوحي من عنده، كما أنها تلزمهم الإيمان بالقرآن، والإقرار بأنه وحي من عند الله، كما آمنوا بالتوراة، وقد أشار أبو السعود في تفسيره إلى ذلك فقال: "وليس المراد بهذا مجرد إلزامهم الاعتراف بإنزال التوراة فقط، بل بإنزال القرآن أيضًا، فإن الاعتراف بإنزالها مستلزم للاعتراف بإنزاله قطعًا لما فيها من الشواهد الناطفة به". (انظر: تفسيره ٢/٢٤٩) .
٢ سورة النساء: آية (١٦٥) .
وهذه الآية حجة من الله على عباده قطع بها عذر من صد عن سبيله وعبد الأنداد من دونه، لأن الله أرسل الرسل مبشرين بثوابه لمن أطاعهم ومنذرين بعقابه لمن خالفهم.
قال ابن جرير فيها: "... فقطع حجة كل مبطل ألحد في توحيده وخالف أمره، بجميع معاني الحجج القاطعة عذره، إعذارًا منه بذلك إليهم لتكون لله الحجة البالغة عليهم، وعلى جميع خلقه". (انظر: تفسيره ٩/٤٠٨) .
٣ أخرج البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ أن هذه الآية التي في القرآن ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ قال في التوراة: "يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وحرزًا للأميين. أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب بالأسواق...." الحديث (البخاري كتاب ٦٥ باب ٣ ج٦/٤٤، ومسند أحمد ٢/١٧٤، وسنن الدارمي ١/٤) .
كما أن عيسى ﵇ بشَّر النصارى بمحمد ﷺ وجاء ذلك صريحًا في القرآن. (انظر سورة الصف: آية ٦) .
٤ في (ت) "كتبهم".
٥ في (ت) "﷿".
٦ سورة آل عمران: آية (٦١) .
وهي تسمى آية المباهلة، وعن حذيفة ﵁ قال: "جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله ﷺ يريدان أن يلاعناه، قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فوالله إن كان نبيًا فلاعناه لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا..". (انظر: البخاري كتاب المغازي ٥/١٢٠، والمسند ١/٤١٤، والترمذي كتاب المناقب باب ٣٢ ج٥/٦٦٧) .
وقد ذكر ابن هشام قصتهم كاملة في سيرته. (انظر: ١/٥٧٣- ٥٧٥ من الطبعة الثانية - طبع شركة الحلبي بالقاهرة) .
1 / 93