آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٥)
رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه
تأليف
الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن قيم الجوزية
(٦٩١ - ٧٥١)
تحقيق
عبد الله بن محمد المديفر
إشراف
بكر بن عبد الله أبو زيد
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
المقدمة / 1
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذه رسالة لطيفة في معناها، سهلة في أسلوبها، مترابطة مقاصدها، قليلة ورقاتها، غزيرة علومها، يَحُثُّ ابنُ القيم فيها (علاءَ الدين؟) على تعليم الخير، والنصح لكل من اجتمع به، ويبين الآثار المترتبة على ترك الدعوة والتعليم، فيذكر منها: محق البركة، وفساد القلب، وغفلته. ثم يبين آثار الغفلة إذا اجتمعت مع اتِّباع الهوى.
وينتقل للحديث باختصار عن المُنعَم عليهم بعد أن تحدث عن ضدهم من الذين غفلت قلوبهم، ويبين حاجة العبد إلى الهداية من تسعة أوجه. ثم يتحدث عن أشرف أنواع المهتدين، وهم الذين يسألون ربهم أن يجعلهم أئمة يُهتدى بهم ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (٧٤)﴾ [الفرقان: ٧٤]، ويشرح السُبل الأربعة التي تنال بها هذه الإمامة.
ويأخذك المؤلف إلى نُقلة، ليشرح مسألة، هي: أن كل إنسان إنما يسعى فيما يحصل له به اللذة والنعيم، ويندفع به عنه أضداد ذلك، ويُعدد ستة أمور لا تتم اللذة إلا بها، ويبين حال كثير من الناس معها. ويؤكِّد أنَّ اللذة التامة، وطيب العيش إنما يكون في معرفة الله وتوحيده والأنس به والشوق إلى لقائه، واجتماع القلب والهم عليه،
المقدمة / 3
ويدلل على ذلك بكون الصلاة جُعلت قُرَّة عين النبي ﷺ فيها، ثم يُمتعك المؤلف ويُتحفك بذكر مشاهد الصلاة الستة، التي إذا اجتمعت لدى العبد في صلاته حصلت له قُرَّة العين واستراحة القلب.
ويختم رسالته بأن ملاك هذا الشأن أربعة أمور: نية صحيحة، وقوة عالية، ورغبة، ورهبة.
وقد اتَّبعت في التحقيق المنهج التالي:
١ - قدّمت للتحقيق بقِسْم تناولت فيه: توثيق نسبة الرسالة إلى مؤلفها، وأهميتها، ووَصف النسخ المطبوعة والنسخ المخطوطة، وعنوان الرسالة، والشخص المرسلة إليه.
٢ - المقابلة بين النسخ، وإثبات الفروق بين نسخ ثلاث.
٣ - خرَّجت الآيات والأحاديث وأكثر الآثار، ونقل كلام بعض العلماء على الأحاديث -في غير الصحيحين- تصحيحًا أو تضعيفًا.
٤ - خرَّجت أكثر الأبيات الشعرية الواردة.
٥ - عرَّفت بالأعلام إلا المشهورين، مثل كبار الصحابة، وكبار أئمة الفقه والحديث.
٦ - أصلحت الأخطاء الإملائية من غير إشارة، واللغوية والنحوية بإشارة.
٧ - ما ورد في النسخة الأصل من أخطاء أثبت صوابه في الصلب بين معكوفين []، وأشرت في الحاشية إلى مصدر التصويب أو وجهه.
المقدمة / 4
٨ - الأخطاء الطفيفة -كسقوط نقطة أو حرف- أصلحتها دون الإشارة إلى ذلك، كما لم أُشِرْ إلى الفروق بينها؛ تقليلًا من كثرة الحواشي، إلا إذا كان للسقط الطفيف وجه فأذكره وأشير إلى الفروق.
٩ - فهرَسَت للآيات، والأحاديث، والآثار، والأقوال، والأعلام، والأبيات الشعرية، والكتب الواردة في الرسالة.
١٠ - إذا كانت نهاية الصفحة في المخطوطة أثناء آية فأشير جوار السطر إلى نهايتها بدون علامة.
وأشكر الله تعالى، فهو أهل الحمد والشكر، ثم أشكر كل من أسهم في إخراج هذا التحقيق فجزاهم الله عني وعن الإسلام خير الجزاء.
وأستغفر الله -تعالى- على ما حصل في التحقيق من قصور؛ فهذا ما اتّسع له الوقت، وبلغه العلم.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.
عبد الله بن محمد المديفر
ص. ب ١٢٣٧٠٦
الرياض: ١١٧٥١
[email protected]
المقدمة / 5
دراسة موجزة للرسالة، ووصف نُسَخِها
المقدمة / 7
دراسة موجزة للرِّسالة
مدى صحة نسبة الرسالة لابن القيم
نَسَب هذه الرسالة إلى ابن القيم فضيلة الشيخ بكر أبو زيد (^١)، ولم يذكر أحدًا نسبها قبله، فلعله اعتمد على ما ورد في صفحتها الأولى من نسبتها إليه.
وإثبات صحة نسبتها إليه يحتاج إلى مقارنة منهج هذه الرسالة بمنهج ابن القيم في كتبه الثابتة له، ومقارنة بين نصوصها وبعض نصوصه في كتبه، وبين بعض عباراتها وبعض عباراته في كتبه، فإلى بيان ذلك:
أولًا: مقارنة منهج الرسالة بمنهج ابن القيم في كتبه الثابتة له:
تكلم عدد من المعاصرين عن منهج ابن القيم وأسلوبه في الكتابة، فذكروا عددًا من المناهج والأساليب التي اتبعها في التأليف والبحث، وها هي بعضها، مع المقارنة بينها وبين ما ورد في هذه الرسالة.
١ - من خصائص منهجه: الاعتماد على الأدلة من الكتاب والسنة (^٢). وهذه الخصيصة تظهر جلية في هذه الرسالة عمليًا وقوليًا، أما العملي فيظهر في مواضع عديدة من الرسالة، وأما القولي، فقال حينما تكلم عن الأصول التي تضمنتها آية (٢٤) من
_________
(^١) ابن قيم الجوزية، حياته وآثاره (ص ١٥٥).
(^٢) المصدر السابق (ص ٤٨)؛ وابن قيم الجوزية، عصره ومنهجه، لعبد العظيم شرف الدين (ص ١٩٦).
المقدمة / 9
سورة السجدة: "الثاني: هدايتهم بما أمر به على لسان رسوله ﷺ، لا بمقتضى عقولهم، وآرائهم، وسياساتهم، وأذواقهم، وتقليد أسلافهم بغير برهان من الله؛ لأنه قال: ﴿يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ [السجدة: ٢٤] ص ١٩.
وقال عند الآية نفسها: "وفي ذلك دليلٌ على اتّباعهم ما أنزل الله على رسوله، وهدايتهم به وحده دون غيره من الأقوال والآراء والنِّحل والمذاهب، بل لا يهدُون إلا بأمره خاصَّة" ص ٢٦.
وعقد فصلًا في المتابعة والاقتداء، ومما قال فيه:. " ... ولعل الأحاديث الثابتة والسنة النبوية من جانبه ولا يلتفتون إلى ذلك، ويقولون: نحن مقلدون لمذهب فلان. وهذا لا يُخَلِّص عند الله: ولا يكود عذرًا لمن تخلف عما علمه من السنة عنده، فإن الله -سبحانه- إنما أمر بطاعة رسوله واتباعه وحده، ولم يأمر باتباع غيره ... " ص ٤٢.
٢ - ومن منهجه: عدم التعصب لمذهب معين (^١). وفي الكلام السابق له دليل واضح عليه.
٣ - ومن منهجه: أنه يعرض النصوص أولًا ثم يستنبط منها، خلافًا لما درج عليه كثير من الفقهاء من قبل ومن بعد، فهم يعرضون المسألة ثم يؤيدونها بالدليل (^٢). وهذا المنهج ورد هنا في الرسالة ص ١٦ - ٢٧.
_________
(^١) المصدران السابقان: شرف الدين (ص ١٧٩)، وبكر أبو زيد (ص ٥٩).
(^٢) شرف الدين (ص ١٨١).
المقدمة / 10
٤ - ومن خصائص منهجه: الاستطراد (^١). وهو سمة بارزة في هذه الرسالة.
٥ - وتميز منهجه في أسلوبه: بالجاذبية وحسن التصوير (^٢). وهذا المنهج تجده في جميع صفحات الرسالة.
٦ - وتميز منهجه: بحسن الترتيب والسياق (^٣). وقد ظهر هذا جليًا في هذه الرسالة.
٧ - ومن خصائص منهجه: السعة والشمول، بحيث يستوعب الكلام في المسألة من جميع الجوانب (^٤). ويلحظ هذا بوضوح عند كلامه حول آية (٧٤) من سورة الفرقان ص ١٠، وكذلك عند الكلام على الآية (٢٤) من سورة السجدة، ص ١٧.
٨ - ومن خصائص أسلوبه: استشهاده بالشعر له أو لغيره (^٥). وجاء هنا مرارًا استشهاده بالشعر لغيره.
هذه أهم المناهج والأساليب التي ظهرت في الرسالة.
ثانيًا: مقارنة بعض نصوص هذه الرسالة بنصوص أخرى في كتبه:
والنصوص المتشابهة كثيرة، أكتفي بثلاثة منها:
١ - ورد في الرسالة (في الأصل): " ... وهو لا يمكنه تركها
_________
(^١) ابن القيم من آثاره العلمية، لأحمد ماهر البُقري (ص ١٥٩)، وبكر أبو زيد (ص ٦١).
(^٢) المصدران السابقان: البُقري ص ٢١٦، وبكر أبو زيد (ص ٦٧).
(^٣) بكر أبو زيد (ص ٦٨).
(^٤) المصدر السابق (ص ٥٦).
(^٥) البُقري (ص ٢١١).
المقدمة / 11
[أي الشهوات] وتقديم هذا المطلوب عليها إلا بأحد أمرين: إما حب متعلق، وإما فرق مزعج ... " ص ٢٩.
وفي نسخة (ب، وج): " ... إما حب مقلق .. ".
وقال ابن القيم في (روضة المحبين) (^١): "وأبعد القلوب من الله القلب القاسي، ولا يذهب قساوته إلا حب مقلق، أو خوف مزعج".
وقال في (الداء والدواء) (^٢): "الطريق الثاني المانع من حصول تعلق القلب [بعمل قوم لوط]: اشتغال القلب بما يبعده عن ذلك، ويحول بينه وبين الوقوع فيه، وهو: إما خوف مقلق، أو حب مزعج".
٢ - ورد في الرسالة: "وقد اشترى -سبحانه- من المؤمنين أنفسهم، وجعل ثمنها جنته، وأجرى هذا العقد على يد رسوله وخليله وخيرته من خلقه ... كيف يليق بالعاقل أن يضيعها ويهملها ويبيعها بثمن بخس ... وهل هذا إلا من أعظم الغبن الفاحش يوم التغابن؟ " ص ٣١ - ٣٢.
وقال ابن القيم في (مدارج السالكين) (^٣): "فلما عرفوا عظمة المشتري، وفضل الثمن، وجلالة من جرى على يديه عقد التبايع، عرفوا قدر السلعة، وأن لها شأنًا، فرأوا من أعظم الغبن أن يبيعوها
_________
(^١) (ص ١٦٧).
(^٢) (ص ٣١٠).
(^٣) (٣/ ٩).
المقدمة / 12
لغيره بثمن بخس ... ".
٣ - ورد في الرسالة: "ومدار الدين على هذه القواعد الأربع، وهي: الحب والبغض، ويترتب عليهما الفعل والترك والعطاء والمنع، فمن استكمل أن يكون هذا كله لله استكمل الإيمان، وما نقص منها أن يكون لله، عاد بنقص إيمان العبد" ص ٣٦.
وقال ابن القيم في كتاب (الروح) (^١): "والدين كله يدور على أربع قواعد: حب وبغض، ويترتب عليهما فعل وترك، فمن كان حبه وبغضه وفعله وتركه لله فقد استكمل الإيمان، ... وما نقص من أصنافه هذه الأربعة نقص من إيمانه ودينه بحسبه".
هده نماذج رأيت أنها تكفي للدلالة على المقصود عن ذكر غيرها.
ثالثًا: مقارنة بعض عبارات الرسالة بعبارات ابن القيم في كتبه:
وردت في أول سطر من الرسالة بعد البسملة عبارة (الله المسؤول المرجو الإجابة)، فهل استعمل ابن القيم هذه العبارة في شيء من كتبه؟
لقد وردت هذه العبارة كاملة في ثلاثة من كتبه (^٢). وورد الجزء الأول منها في مواضع عديدة من كتبه.
ونحو هذا الكلام يقال على عباراته في خاتمة الرسالة.
_________
(^١) (ص ٥٦٢).
(^٢) وردت في مقدمة كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية، والوابل الصيب، وفي خاتمة كتاب الروح.
المقدمة / 13
وكلمة (المَشْهد والمَشَاهِد) الواردتان في هذه الرسالة في الكلمات الدارجة عند ابن القيم في بعض كتبه (^١).
النتيجة:
يتبين من خلال الأدلة المتنوعة السابقة أن نسبة الرسالة إلى ابن القيم صحيحة لا مرية فيها، ولا سيما أن فيها نقولًا عن ابن تيمية، ويُعدُّ ابن القيم أحد المكثرين في النقل عنه.
أهمية هذه الرسالة:
على الرغم من صغر حجم هذه الرسالة إلا أنها حوت دررًا من كلام ابن القيم لم ينثرها لنا في شيء من كتبه المطبوعة (^٢)، كما حوت تفصيلًا لكلام أجمله في بعض كتبه، وبيان ذلك ما يأتي:
١ - لم يتعرض في شيء من الكتب المطبوعة لذكر المشاهد الستة للصلاة التي تقر بها العين، ويستريح بها القلب.
٢ - لم يتعرض في شيء من كتبه المطبوعة لمثل الكلام الذي ذكره هنا حول قوله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾ [الكهف: ٢٨].
٣ - عند قوله تعالى في سورة الفاتحة: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)﴾ الآيات، ذكر كلامًا قَيِّما حول هذه الآيات،
_________
(^١) انظر -على سبيل المثال-: (مدارج السالكين ١/ ٣٩٩ - ٤٣٠)، و(طريق الهجرتين ص ٨١ - ٨٨، ٢٩٧ - ٣٠٦).
(^٢) اعتمادًا على كشافين من كشافات علوم ابن القيم، هما:
١ - التقريب لعلوم ابن القيم، لبكر بن عبد الله أبو زيد.
٢ - بدائع التفسير: الجامع لتفسير ابن قيم الجوزية، ليسري السيد محمد.
واستقراءًا لما طبع لاحقًا مما لم يتناوله هذان الكشافان.
المقدمة / 14
وتفصيلًا بديعًا لم يذكره عندما تكلم عنها في بعض كتبه إلا إجمالًا.
٤ - قوله تعالى: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (٧٤)﴾ [الفرقان: ٧٤]، أشار إلى تفسيرها في (إعلام الموقعين) (^١) في ستة أسطر، وتكلم عنها بكلام مجمل في كتاب (الروح) (^٢)، أما في هذه الرسالة فقد تكلم عنها كلامًا وافيًا، نقل أقوال السلف فيها، وأقوال أئمة اللغة، وبيَّنها، ورجح بينها.
٥ - قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ [السجدة: ٢٤]، لم يفصل الكلام حولها في شيء من كتبه.
٦ - حول قوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ﴾ [يوسف: ١٠٨]، نقل في هذه الرسالة بعض معاني (البصيرة) في اللغة، وحققها، ولا تجد في شيء من كتبه المطبوعة الموارنة بين هذه الأقْوال.
وصف النسخ المطبوعة والنسخ المخطوطة
أولًا: النسخ المطبوعة:
١ - (الطريق إلى الهداية)، بهذا العنوان طُبعت في دار التراث العربي، أشار إلى ذلك د. أسامة عبد العظيم، المُراجع للطبعة التالية.
٢ - (رسالة إلى كل مسلم) بهذا العنوان طبعت في القاهرة عام (١٤٠٤ هـ)،
_________
(^١) (٤/ ١٣٥).
(^٢) (ص ٥٦٠ - ٥٦١).
المقدمة / 15
وراجعها وعلق عليها د. أسامة محمد عبد العظيم.
٣ - (صلاة المحبين والطريق إلى إمامة المتقين)، بهذا العنوان طُبعت في مطبعة سفير بالرياض، ونشرتها دار سعد النجيم ومؤسسة البشائر في الرياض عام (١٤١٣ هـ)، الطبعة الثانية، وأخرجها وعلق عليها خالد بن علي العنبري.
ومع أن هذه الرسالة قد طبعت إلا أن إعادة طباعتها محققة تبقى مُلحَّة للأسباب الآتية:
أ - أن ما طُبع اعتمد على نسخة خطية واحدة، هي المحفوظة بدار الكتب المصرية.
ب - أن ما طبع لم يحقق تحقيقًا علميًا، يطمئن القارئ معه إلى صحة نسبة الرسالة إلى مؤلفها، ويكون النص فيها أقرب إلى الصواب، ويُقابل فيه بين النُّسخ الخطية ...
ج - أن ما طبع، فيه تصرف بنص المؤلف: تارة بإسقاط بعض الكلمات والجمل دون إشارة، وتارة بزيادة بعض الكلمات إلى النص دون إشارة، وتارة بإبدال بعض العبارات دون إشارة وبدون مُسوِّغ يوجب التغيير.
د - بعض الكلمات وردت خطأ في النسخة المخطوطة وأُثبتت كما هي دون البحث عن الصواب فيها.
هـ - أن طباعتها باسمها الذي اشتهر بين العلماء أدعى لانتشارها، ونشر العلم الذي حوته.
ثانيًا: وصف النسخ المخطوطة:
وقفت على أربع نسخ خطِّية، وسيكون الرمز لها كالتالي:
المقدمة / 16
(الأصل)، و(ب)، و(ج)، و(د)، وكان الاعتماد في التحقيق والمقابلة على النسخ الثلاث الأولى، أما النسخة (د) فلم أرجع إليها إلا نادرًا؛ للتَّعضيد؛ لما يأتي من الأسباب عند الحديث عن هذه النسخة.
١ - النسخة (الأصل):
هذه النسخة محفوظة في دار الكتب المصرية في القاهرة برقم (١٣) مجاميع، بعنوان: (رسالة لابن قيم الجوزية)، ورقم الفيلم هو: (٥٣٠٧٣)، ضمن مجموعة أولها كتاب (الداء والدواء) لابن القيم، مؤرخ آخر هذا الكتاب في سنة (١١٨٧ من الهجرة)، ويليه -بعد ستة أسطر دخيلة فيها توسل بالنبي ﷺ هذه النسخة في عشر ورقات، من (١٤٠ / أ) إلى (١٤٩/ أ) ثم يليها رسالة سُمِّيت (رد القبورية) منتخبة من (إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان)، وينتهي المجموع بورقة (١٩٢).
مسطرتها (٢٠ × ١٥ سم)، وكل صفحة تحوي (٢٣) سطرًا، مكتوبة بخط جيد واضح، وتاريخ كتابتها غير مدون عليها، لكن الخط الذي كتبت به مشابه للخط الذي كتب به الكتاب الذي قبلها وهو مدون في الربع الأخير من القرن الثاني عشر الهجري كما سبق آنفًا، وناسخها مجهول.
وعرَّفت النسخةُ الرسالة بقولها: "هذا كتاب أرسله الشيخ، الإمام، العالم، العلامة، شيخ الإسلام،. مفتي المسلمين، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر، المعروف بابن قيم الجوزية -رحمه الله تعالى-، كتبه إلى بعض إخوانه في الله تعالى".
المقدمة / 17
وقد جعلت هذه النسخة هي المعتمدة في التحقيق، للآتي:
أ - أنها سلمت من السقط الذي اعترى النسخ الأخرى جميعها.
ب - أن الأخطاء التي فيها أقل من النسخ الأخرى.
٢ - النسخة (ب):
محفوظة بالمكتبة المحمودية في مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة النبوية، برقم (٢٧٩٧) مجاميع، بعنوان: (رسالة أرسلها ابن القيم إلى بعض إخوانه).
تقع المخطوطة في خمس عشرة ورقة، وهي بخط جيد واضح، وخطها وأوراقها يشيران إلى أنها من مخطوطات القرن الثاني عشر الهجري تقديرًا، ناسخها عبد الله بن موسى (^١)، ومسطرتها (١٣ × ٨.٥ سم)، وعدد الأسطر فيها أربعة عشر سطرًا.
وقد وقع بها سقط من وسطها، بمقدار اثنين وثلاثين سطرًا مطبوعًا، ويذكر ناسخ هذه النسخة أن السقط موجود في النسخة التي نقل عنها.
والمخطوطة تقع ثانية في المجموع التي هي فيه، ويحوي المجموع رسالتين، الرسالة الأخرى لم يذكر عليها اسم مؤلفها.
وعرَّفت النسخةُ الرسالة بقولها: "هذا كتاب أرسله الشيخ، الإمام، العالم، العلامة، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر، المعروف
_________
(^١) لم أقف على ترجمة له، وقد نَسَخَ عام (١١٥٥ هـ) كتاب (فضائل الأعمال) لضياء الدين المقدسي (ت ٦٤٣ هـ). فهرس مخطوطات الحديث الشريف وعلومه في مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، عمَّار بن سعيد. تمالت، ص ٤٩١).
المقدمة / 18
بابن القيم -رحمه الله تعالى- كتبه إلى بعض إخوانه فقال".
٣ - النسخة (ج):
محفوظة بمكتبة جامعة الملك سعود في الرياض، برقم (١٦٥٦)، بعنوان: (رسالة في الإرشاد)، تقع في تسع ورقات، بخط جيد واضح، ورؤوس الفقرات بخط أكبر ذي لون أحمر، وبعض الفقرات فوقها خط أحمر، مقاسها (١٩ × ١٢ سم)، وعدد الأسطر فيها واحد وعشرون سطرًا، من مخطوطات القرن الرابع عشر الهجري، وبها سقط من وسطها كالنسخة السابقة، وناسخها مجهول، ومن الملحوظات المتكررة فيها، أن بعض الكلام يتكون من سطر أو أسطر في النسختين الأوليين يُختصر في هذه النسخة بكلمة أو كلمتين!
وعرَّفت النسخةُ الرسالة بقولها: "هذه رسالة أرسلها شمس الدين، أبو عبد الله بن القيم ﵁ إلى بعض إخوانه".
٤ - النسخة (د):
من محفوظات المكتبة العامة السعودية بالرياض (^١)، ومصورتها في مكتبة جامعة الملك سعود محفوظة برقم (ف ٥٩/ ٤ - ز س)، بعنوان: (رسالة في البركة).
وهي نسخة غير كاملة سقط منها ما يقارب النصف من حجمها، تقع في أربع ورقات، وعدد الأسطر فيها ما بين (٢٣ - ٢٦) سطرًا،
_________
(^١) وهي مكتبة دار الإفتاء والتي نقلت مخطوطاتها إلى مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض.
المقدمة / 19
وخطها من خطوط القرن الرابع عشر الهجري، ناسخها مجهول، ويظهر أن ناسخها قد اعتمد على النسخة (ج) ويتصرف أحيانًا بالاختصار والحذف.
وعرَّفت النسخةُ الرسالة بقولها: "قال الشيخ، الإمام العالم، العلامة، شمس الدين، بحر العلوم، أبو عبد الله بن القيم ﵀".
عنوان الرسالة
لم يُسمِّ ابن القيم رسالته هذه كما عُهد عنه في كتبه أنه يسميها باعتناء شديد.
وقد سُمِّيت في فهارس المكتبات المحفوظة فيها النسخ بالأسماء التالية:
١ - رسالة لابن قيم الجوزية.
٢ - رسالة أرسلها ابن القيم إلى بعض إخوانه.
٣ - رسالة في الإرشاد.
٤ - رسالة في البركة.
فمن سماها بالإرشاد قد نظر إلى غرضها، ومن سماها بالبركة فقد نظر إلى موضوعها في بدايتها.
وعنون لها الشيخ بكر أبو زيد بـ (رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه)، وبهذا العنوان اشتُهرت عند عدد من أهل العلم المعاصرين؛ ولذا رأيت إثباتها بهذا العنوان، وحتى لا يحصل ليس بذكر عنوان لم تُعرف به لدى العلماء، كما أن النسخ الثلاث
المقدمة / 20
المعتمدة قد عرَّفت هذه الرسالة بنحو هذا العنوان.
المرْسَلُ إليه
ورد في بداية النسخة الأصل أن المرسل إليه هو (علاهن)، وفي (ب) (علام الدين)، وفي (ج) و(د) (علاء الدين)، ويتبع كثير من فهارس الكتب التي ترجمت لعصر ابن القيم لم أقف على أحد لُقِّب بعلاهن، ولا بعلام الدين، ولكن ورد فيها ذكر عدد من الأشخاص لقبوا بعلاء الدين كما في (ج) و(د)، وعلم الدين، ولم تُشر الكتب التي اطلعت عليها إلى وجود مراسلة بين أحد منهم وابن القيم، أو الإشارة إلى أنه تلميذ لابن القيم، أو ذِكْرِ قرينة يطمأن إليها؛ وهذا يجعل شخصية من أُرسلت إليه الرسالة مجهولة.
المقدمة / 21
صورة الصفحة الأولى من النسخة (الأصل) المحفوظة بدار الكتب المصرية بالقاهرة.
المقدمة / 22
صورة الصفحة الأخيرة من النسخة (الأصل) المحفوظة بدار الكتب المصرية بالقاهرة.
المقدمة / 23