كان الله ولا شيء ثم خلق الشيء كالإمام أحمد وسائر المسلمين أئمتهم وعامتهم فإن هؤلاء إنما قالوا ذلك ليخالفوا به من قال بلزوم الفعل والمفعول له بالأزل فقالوا إذا كان فعله ومفعوله لازمين له في الأزل كانا دائمي الوجود أزلا لوجوب دوام اللازم بدوام وجود الملزوم ويلزم أن لا يكون الفاعل فاعلا في ذلك المفعول فإن القصد إلى إيجاد الموجود محال ويلزم تعطيل الرب عن الفعل وهو محال وكفر فيجب أن الرب كان ولا شيء ثم بدأ فخلق الشيء بمشيئته في الوقت الذي أراد خلقه فيه والذي اقتضت الحكمة خلقه فيه
وبهذا يظهر أنه فاعل بالاختيار لا موجب بالذات وذلك الشيء الذي ابتدأ الله الخلق به هو أول الحوادث فالقول بأنه ليس لها أول محال وتلبيس على الجهال
وإذا كان هذا هو قصد هؤلاء الأئمة أعني مخالفة من عطل الرب عن الفعل لا مخالفة من أثبت لله الفعل الاختياري واعتقد لازمه وهو وجوب تأخره عن وجود فاعله وعن مشيئته فمن قصد مخالفة هؤلاء الأئمة وقال بلزوم الفعل والمفعول أو بقدم شيء من العالم لزمه موافقة أولئك في التعطيل ونفي الاختيار والكفر وإلا لكان موافقا لهؤلاء الأئمة لا مخالفا
صفحه ۸۱