33
وشجاعة شمشمون
34 «بروح الله» أي شجاعة تفوق كل امتحان. كذلك توصف كل صفة أو قوة تفوق المعتاد بأنها «روح الله أو صفة الله». فمثلا في سفر الخروج (31: 3): «وملأته (بصلائيل)
35
من روح الله.» أي بعقل ومهارة فوق المعتاد، كما يبين ذلك الكتاب نفسه. وكذلك في أشعيا (11: 2): «ويستقر عليه روح الرب.» وهذا يعني كما سيشرحه النبي ذاته - بعد ذلك بقليل - بلغة التصوير المألوفة في الكتاب، فضيلة الحكمة والفطنة والشجاعة ... إلخ. كما وصف حزن شاءول
36
بأنه «روح الله الخبيثة» أي حزن شديد. والواقع أن عبيد شاءول الذين سموا حزنه حزن الله قد نصحوه باستدعاء موسيقى بجواره ليروح عن نفسه بالغناء على الناي، وهذا يدل على أنهم كانوا يعنون بحزن الله حزنا طبيعيا. ويطلق تعبير روح الله أيضا على نفس الإنسان كما نجد في أيوب (3: 27): «روح الله في أنفي.» إشارة إلى نص في سفري التكوين يقول: إن الله قد نفخ بنفس الحياة في أنف الإنسان. وكذلك يقول حزقيال متنبئا للأموات (37: 14): «واجعل روحي فيكم فتحيون.» أي سأعطيكم حياة جديدة. وفي المعنى نفسه يقول أيوب (34: 14): «إنه لو أراد (أي لو أراد الله) لاستضم إليه روحه ونسمته (أي النفس التي أعطانا).» كذلك فإن نص سفر التكوين (6: 3): «لا تحل روحي مع الإنسان (أو تميز) أبدا لأنه جسد.» يجب تفسيره على النحو الآتي: من الآن سيسلك الإنسان وفقا لمقتضيات الجسد لا تبعا للذهن الذي وهبته إياه ليميز بين الخير والشر. ونقرأ أيضا في المزمور (51: 12-13): «قلبا طاهرا اخلق في يا الله وروحا مستقيما جدد في داخلي (أي رغبة معتدلة) ولا تطرحني من أمام وجهك ولا تنزع مني روحك القدوس.» إذ كان العبرانيون يعتقدون أن جميع الخطايا تأتي حقيقة من البدن، على حين أن النفس تأمر بالخير فحسب؛ لذلك، يطلب كاتب المزمور من الله أن يخلصه من شهوة الجسد، ويكتفي بالدعاء حتى يحفظ الله القدوس له نفسه التي وهبها إياه. ولما كانت عادة الكتاب إعطاء الله صورة الإنسان، وذلك لضعف مستوى التفكير عند العامة، كما اعتاد أن ينسب له نفسا وحساسية وانفعالات، بل وينسب إليه بدنا ونفسا، فإن عبارة روح الله (في الكتب المقدسة) تدل دائما على النفس، أي على القلب والانفعال أو القوة أو النفس من فم الله. وهكذا يتساءل أشعيا (40: 13): «ومن أرشد روح الرب؟» (أي نفسه) ومعناها: من سوى الله يدفع نفس الله لأن ترغب شيئا؟ وكذلك الحال في (63: 10): «لكنهم تمردوا وحزنوا روحه القدوس.» وقد ترتب على ذلك استعمال عبارة روح الله للدلالة على شريعة موسى؛ لأن هذه الشريعة تعبر عن فكر الله. فمثلا، نقرأ في أشعيا (الإصحاح نفسه: 11): «أين الذي جعل في داخله روحه القدوس.» أي شريعة موسى، كما يفهم بوضوح من السياق، كذلك نقرأ في نحميا (9: 20): «وآتيتهم روحك الصالح (أي نفسك) ليعلمهم.» فهنا يذكرهم نحميا بعصر الشريعة، ويشير إلى نص من سفر التثنية (4: 6) يقول فيه موسى: «لأنها (أي الشريعة) حكمتكم وفهمكم ... إلخ.» كذلك نجد في المزمور (143: 10): «إن روحك صالح فهو يهديني في أرض الاستقامة.» أي إن فكرك الذي أوحيت به إلينا سيقودنا إلى الطريق المستقيم. وفضلا عن ذلك تعني روح الله، كما قلنا من قبل، النفس، وهو ما ينسبه الكتاب لله. ومع أن هذا لا يليق به، كما ينسب إليه أيضا النفس والحساسية والبدن (انظر: المزمور، 33: 6)،
37
ويعني اللفظ أيضا قدرة الله أو صفته كما هو الحال في أيوب (33: 4): «روح الله هو الذي صنعني.» أي قدرته وصفته، أو إن شئنا قلنا أوامره، لأن كاتب المزمور يقول أيضا بأسلوبه الشعري: «بكلمة الرب رفعت السموات وبروح (أي بنفس من فمه) فيه كل جنودها (أي مشيئته التي تنطق بها في نفس واحد).» وبالمثل نجد في المزمور (139: 7): «أين أذهب من روحك، وأين أفر من وجهك.» وهذا يعني حسب الإيضاحات التي نجدها بعد ذلك عند كاتب المزمور نفسه، أين يمكنني الهرب بعيدا عن قدرتك وحضورك. وأخيرا يستعمل روح الله في الكتاب المقدس للتعبير عن مشاعر الله، أي اللطف والرحمة، فمثلا في ميخا (2: 7) هل قصر روح الرب؟ (أي رحمته) أهذه أعماله؟ (المشئومة) وكذلك في زكريا (4: 6): «لا بالجيش ولا بالقوة ولكن بروحي (أي برحمتي) وحدها.» وأعتقد أن الآية 12 من الإصحاح 7 عند نفس النبي تفيد بالمعنى نفسه: «وجعلوا قلوبهم كالسامور لئلا يسمعوا الشريعة والكلام الذي أرسله الله بروحه (أي رحمته) على ألسنة الأنبياء الأولين.» وكذلك يقول حجاي (2: 5)
38
صفحه نامشخص