وروى الطبراني في الأوسط (ج1 ص302) طبعة أولى الرياض أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث عمرو بن العاص إلى النجاشي ، وفيه قال عمرو بن العاص : فوجدت من كان عنده يدخلون مكفرين ...إلخ ، وفيه إنكار أصحاب النجاشي على عمرو بن العاص وأصحابه عدم التكفير عند دخولهم على النجاشي ، وأن عمرو بن العاص قال : لو كنا فاعلين لكفرنا بين يدي نبينا صلى الله عليه وآله وسلم . وذكر هذا الحديث سعيد الأرنوط وتخريجه لكتاب العواصم تأليف محمد بن إبراهيم الوزير (ج3 ص14) وعزاه إلى المصنف لابن أبي شيبة - أعني حديث الحسن البصري .
قلت : ومما يدل على أنه فعل أهل الكتاب : رواية الإمام زيد بن علي عليه السلام في المجموع : (ثلاث من أخلاق الأنبياء) وذكر منها وضع اليد على اليد تحت السرة ، فبان بذلك أن اليهود أخذته من نبي الله موسى عليه السلام ولا زالت متمسكة بفعله في صلاتها ومستمرة على ملازمته إلى الآن تحقق لنا ذلك من فعلهم للضم في صلاتهم بطريق اخبار الثقات [36] المشاهدين لهم والمطلعين عليهم في حال صلاتهم .
وقد غلط من جعل الضم مذهبنا للإمام زيد بن علي عليه السلام غلطا فاحشا أو وهم في ذلك ، فنقول : مجرد روايته للحديث لا يثبت كونه مذهبنا ولا يفيد ذلك لما قد عرف أن الأئمة والمحدثين والعلماء قد رووا في كتبهم الناسخ والمنسوخ ، والعام والخاص ، والمحكم والمتشابه .
ثانيا : فإن الإمام زيد بن علي رحمه الله لو كان مذهبه لذكره في أبواب الصلاة ولم يذكره في أبواب الصوم ، وبأنه لم يذكر في روايته أن الضم لليدين في الصلاة أو في غيرها ، وأيضا فقد روي عنه حديث النهي عن الضم كما سبق .
ثالثا : إنما في روايته من أخلاق الأنبياء الأولين ولا دليل فيه ؛ إذ الأخلاق ليست من المشروعات المندب إليها والمسنون فعلهما ، ولذا ورد في ما هو مشروع بلفظ عشر من سنن المرسلين وذكر منها الختان والسواك وغيرهما ، ولم يذكر الضم .
صفحه ۲۳