فَأَقْبَلَ أَبُو طَالِبٍ آخِذًا بِيَدِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى نَادِي قُرَيْشٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا رَآهُ، قَالُوا: هَذَا أَبُو طَالِبٍ آخِذٌ بِيَدِ مُحَمَّدٍ، مَا تَرَوْنَهُ يُرِيدُ؟ أَتَرَوْنَهُ يُرِيدُ أَنْ يُسْلِمَهُ إِلَيْكُمْ؟ قَالُوا: مَا نَرَاهُ إِلا فَاعِلا، فَأَقْبَلَ أَبُو طَالِبٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: مَا لَكَ يَا أَبَا طَالِبٍ؟ قَالَ: كُنْتُ أَرَاكُمْ قَدْ قَتَلْتُمُوهُ، وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَالْبَلَدِ الْحَرَامِ، لَوْ كُنْتُمْ فَعَلْتُمْ لَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاءِ جَلِيسَهُ، أَخْرِجُوا شِفَارَكُمْ، فَأَخْرَجُوهَا، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ، يَئِسُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ".
وَمِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الأُمَوِيِّ: فَلَمَّا عَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّهُ لا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى مُحَمَّدٍ ﷺ، أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَكْتُبُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كِتَابًا أَنْ لا يُنْكِحَوهُمْ، وَلا يَخْطِبُوا إِلَيْهِمْ، وَلا يُبَايِعُوهُمْ، وَلا يَبْتَاعُوا مِنْهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا لِذَلِكَ، كَتَبُوهُ فِي صَحِيفَةٍ، ثُمَّ تَعَاهَدُوا عَلَيْهِ، وَتَوَاثَقُوا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ عَلَّقُوا الصَّحِيفَةَ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ تَوْكِيدًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَلَمَّا فَعَلَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ انْحَازَتْ بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ إِلَى أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَدَخَلُوا مَعَهُ فِي شِعْبِهِ وَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، وَخَرَجَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَبُو لَهَبٍ عَبْدُ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى قُرَيْشٍ، وَظَاهَرَ عَلَيْهِمْ قُرَيْشًا، وَقَالَ لِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ: يَا ابْنَةَ عُتْبَةَ، هَلْ نَصَرْتُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَفَارَقْتُ مَنْ فَارَقَهُمَا وَظَاهَرَ عَلَيْهِمَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا يَا أَبَا عُتْبَةَ،
1 / 105