ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ قُرَيْشًا مَشَوْا بِعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةَ، فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ، هَذَا عُمَارَةُ بْنُ الْوَلِيدِ أَنْهَدُ فَتًى فِي قُرَيْشٍ وَأَشْعَرُهُ وَأَجْمَلُهُ، فَخُذْهُ، فَلَكَ عَقْلُهُ وَنَصْرُهُ، وَاتَّخِذْهُ وَلَدًا، فَهُوَ لَكَ، وَأَسْلِمْ إِلَيْنَا ابْنَ أَخِيكَ، هَذَا الَّذِي خَالَفَكَ فِي دِينِكَ وَدِينِ آبَائِكَ، وَفَرَّقَ جَمَاعَةَ قَوْمِكَ، وَسَفَّهَ أَحْلَامَهُمْ، فَنَقْتُلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ كَرَجُلٍ.
قَالَ: وَاللَّهِ لَبِئْسَ مَا تَسُومُونَنِي إِلَيْهِ! تُعْطُونِي ابْنَكُمْ أَغْذُوهُ، وَأُعْطِيكُمُ ابْنِي تَقْتُلُونَهُ! لا يَكُونُ هَذَا أَبَدًا.
فَقَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلَ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: وَاللَّهِ يَا أَبَا طَالِبٍ وَلَقَدْ أَنْصَفَكَ قَوْمُكَ، وَجَهِدُوا عَلَى التَّخَلُّصِ مِمَّا تَكْرَهُ، فَمَا أَرَاكَ تَقْبَلُ شَيْئًا.
فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ لِمُطْعِمٍ: وَاللَّهِ مَا أَنْصَفُونِي، وَلَكِنَّكَ قَدْ أَجْمَعْتَ عَلَى خِذْلانِي وَمُظَاهَرَةِ الْقَوْمِ عَلَيَّ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، أَوْ كَمَا قَالَ أَبُو طَالِبٍ "
قَالَ زِيَادٌ: وَحَدَّثَنِي الْمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ سعَد بْنِ مَسْعُودٍ: " أَنَّ أَبَا طَالِبٍ فَقَدَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَوْمَيْنِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً، وَظَنَّ أَنَّهُ قَدِ اغْتِيلَ، فَأَرْسَلَ، فَالْتَمَسَهُ، فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَعَا بَنِيهِ وَبَنِي أَخِيهِ وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ رَأْيِهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: حُدُّوا سِلَاحَكُمْ، وَكُونُوا عَلَى مَكَانِكُمْ، وَأَعْطَى بَنِيهِ وَبَنِي أَخِيهِ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ شَفْرَةً قَدْ شَحَذَهَا، وَقَالَ: لِيَجْلِسْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ إِلَى جَنْبِ رَجُلٍ مِنْ
1 / 103