رقت و گریه
الرقة والبكاء لابن قدامة
پژوهشگر
محمد خير رمضان يوسف
ناشر
دار القلم،دمشق،الدار الشامية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م
محل انتشار
بيروت
عِنْدَ الْبَلاءِ، وَلا يُعَيِّرَهُ بِالْمُصِيبَةِ، وَلا يَعِيبَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ وَهُوَ مَكْرُوبٌ حَزِينٌ، وَلَكِنَّهُ يَرْحَمُهُ، وَيَبْكِي مَعَهُ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ وَيَحْزَنُ لِحُزْنِهِ، وَيَدُلُّهُ عَلَى مَرَاشِدِ أَمْرِهِ، وَلَيْسَ بِحَكِيمٍ، وَلا رَحِيمٍ مَنْ جَهِلَ هَذَا، فَاللَّهُ اللَّهُ أَيُّهَا الْكُهُولُ فِي أَنْفُسِكُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ الْفَتَى عَلَى أَيُّوبَ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ كَلَامِهِ لأَصْحَابِ أَيُّوبَ، فَقَالَ: وَقَدْ كَانَ فِي عَظَمَةِ اللَّهِ يَا أَيُّوبُ وَجَلالِهِ وَذِكْرِ الْمَوْتِ مَا يَقْطَعُ لِسَانَكَ وَيَكْسِرُ قَلْبَكَ وَيُنْسِيكَ حُجَّتَكَ، أَلَمْ يَعْلَمُوا يَا أَيُّوبُ أَنَّ لِلَّهِ عِبَادًا أَسْكَتَتْهُمْ خَشْيَتُهُ مِنْ غَيْرِ عِيٍّ وَلَا بُكْمٍ؟ وَإِنَّهُمْ لَهُمُ الْفُصَحَاءُ النُّطَقَاءُ الأَلِبَّاءُ النُّبَلاءُ الْعَالِمُونَ بِاللَّهِ وَبِأَيَّامِهِ، وَلَكِنَّهُمْ إِذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ انْقَطَعَتْ أَلْسِنَتُهُمْ، وَاقْشَعَرَّتْ جُلُودُهُمْ، وَانْكَسَرَتْ قُلُوبُهُمْ، إِعْظَامًا وَإِعْزَازًا وَإِجْلالا، فَإِذَا اسْتَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ اسْتَبَقُوا إِلَى اللَّهِ بِالأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ، يَعُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ مَعَ الظَّالِمِينَ وَالْخَاطِئِينَ، وَإِنَّهُمْ لأَنْزَاهٌ بُرَاءٌ، وَمَعَ الْمُقَصِّرِينَ وَالْمُفَرِّطِينَ وَإِنَّهُمْ لأَكْيَاسٌ أَقْوِيَاءٌ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَسْتَكْثِرُونَ لِلَّهِ الْكَثِيرَ، وَلا يَرْضَوْنَ لَهُ بِالْقَلِيلِ، وَلا يُدْلُونَ عَلَيْهِ بِالأَعْمَالِ.
فَهُمْ مَتَى مَا رَأَيْتُهُمْ مُرَوَّعُونَ مُفَزَّعُونَ مُهْتَمُّونَ خَاشِعُونَ وَجِلُونَ مُسْتَكِينُونَ مُعْتَرِفُونَ،
1 / 80