3

رقت و گریه

الرقة والبكاء لابن قدامة

ویرایشگر

محمد خير رمضان يوسف

ناشر

دار القلم،دمشق،الدار الشامية

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

محل انتشار

بيروت

تَعْجَزُ عَنْ مِثْلِ مَا أُوتِيتُمَا لَفَعَلْتُ، وَلَكِنِّي أَرْغَبُ بِكُمَا عَنْ ذَلِكَ وَأَزْوِيهِ عَنْكُمَا، وَكَذَلِكَ أَفْعَلُ بِأَوْلِيَائِي، وَقَدِيمًا مَا خِرْتُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَإِنِّي لأَذُودُهُمْ عَنْ نَعِيمِهَا وَرَخَائِهَا كَمَا يَذُودُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ غَنَمَهُ عَنْ مَرَاتِعِ الْهَلَكَةِ، وَإِنِّي لأُجَنِّبُهُمْ سَلْوَتَهَا وَعَيْشَهَا كَمَا يُجَنِّبُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ إِبِلَهُ عَنْ مَبَارِكِ العُرِّ، وَمَا ذَلِكَ لِهَوَانِهِم عَلَيَّ، وَلَكِنْ لِيَسْتَكْمِلُوا نَصِيبَهُمْ مِنْ كَرَامَتِي سَالِمًا مُوَفَّرًا، لَمْ تَكْلِمْهُ الدُّنْيَا، وَلَمْ يُطْغِهِ الْهَوَى، وَأَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَيَّنْ لِي الْعِبَادُ بِزِينَةٍ هِيَ أَبْلَغُ مِنَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّهَا زِينَةُ الْمُتَّقِينَ، عَلَيْهِمْ مِنْهَا لِبَاسٌ يُعْرَفونَ بِهِ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْخُشُوعِ، سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِنْ آثَارِ السُّجُودِ، أُولَئِكَ هُمْ أَوْلِيَائِي حَقًّا حَقًّا، فَإِذَا لَقِيتَهُمْ فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَكَ، وَذَلِّلْ لَهُمْ قَلْبَكَ وَلِسَانَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا أَوْ أَخَافَهُ فَقَدْ بَارَزَنِي بَالْمُحَارَبَةِ وَبَادَأَنِي، وَعَرَّضَ لِي نَفْسَهُ وَدَعَانِي إِلَيْهَا، وَأَنَا أَسْرَعُ شَيْءٍ إِلَى نُصْرَةِ أَوْلِيَائِي، أَفَيَظُنُّ الَّذِي يُحَارِبُنِي أَنْ يَقُومَ لِي؟ أَوْ يَظُنُّ الَّذِي يُعَادِينِي أَنْ يُعْجِزَنِي؟ أَوْ يَظُنُّ الَّذِي يُبَارِزَنِي أَنْ يَسْبِقَنِي أَوْ يَفُوتَنِي؟ وَكَيْفَ وَأَنَا الثَّائِرُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،

1 / 45