لذا حين حانت اللحظة وضع جرانت قدمه على الدرجة الأخيرة، ولم يكن يعتريه شيء سوى تسارع خفيف في نبضات قلبه. وقبل أن يتمكن من تحليل ردة فعله تجاه إغلاق الباب جذب شيء آخر انتباهه. فأمامه، في الجانب الآخر من الممر، كان وي آرتشي يجلس.
بدا وي آرتشي وكأنه قد نهض من الفراش لتوه، وكأنه فعل ذلك أيضا على عجل. كانت ملابسه غير المهندمة تبدو أكثر من ذي قبل، وكأنها ملابس شخص آخر تماما. بدا وكأنه هيكل مهمل ملقى عليه بعض دعائم أحد الاستوديوهات. حيا وي آرتشي جرانت كصديق قديم له، وتعالى عليه فيما يتعلق بجهله بالجزر الغربية، ونصحه بتعلم اللغة الغيلية باعتبارها لغة سيفيده تعلمها، ثم عاد إلى نومه. فجلس جرانت وأخذ ينظر إليه.
فكر في نفسه، يا لهذا الوضيع الضئيل. هذا الوضيع الضئيل التافه.
انفغر فم آرتشي وهو نائم، ولم تعد خصلات الشعر تغطي المنطقة العارية من رأسه. أما ركبتاه فوق الجورب السميك الملون فكانتا أشبه بعينات تشريحية أكثر من أي آلية مصممة لتسيير كائن حي. لم تكونا ركبتين، بل كانتا «مفصلي ركبة». كان التعبير عنهما باستخدام كلمة «شظية» مثيرا للاهتمام بصورة خاصة.
ذلك الوضيع الضئيل الخبيث المختال. كانت لديه مهنة تكفيه كمصدر للرزق، مهنة كانت ستجعله يحظى باحترام كبير، مهنة كان سيظفر من ورائها بمثوبة روحية. لكن هذا لم يرض نفسه الأنانية. كان في حاجة لأن يكون محط الأنظار. لم يكن آرتشي يهتم بمن يدفع لقاء دعوته ما دام بوسعه أن يتبختر تحت الأضواء.
كان جرانت لا يزال يفكر في الدور الأساسي الذي لعبته الخيلاء والغرور في صناعة المجرم حين تفتح تحته نمط هندسي وكأنه زهرة يابانية تتفتح في الماء. فأبعد أفكاره عن الأمور النفسية من أجل أن يفكر في هذه الظاهرة الهندسية الإقليدية في عالم الطبيعة، ووجد أنها كانت تحيط بالمطار الموجود في البر الرئيسي. لقد استقل الطائرة عائدا من كلادا، وبالكاد لاحظ وجودها.
نزل جرانت سلالم الطائرة إلى المدرج وتساءل عما سيحدث لو رقص رقصة الحرب من الفرح في التو واللحظة. أراد أن يتجول في المطار راقصا مبتهجا كطفل يمتطي جواده اللعبة للمرة الأولى. بدلا من ذلك، توجه إلى أكشاك الهاتف واتصل بتومي سائلا إياه إن كان بإمكانه أن يقله من فندق كاليدونيان في بلدة سكون بعد ما يقرب من ساعتين. كان ذلك في وسع تومي، وكان سيفعل.
وكان مذاق الطعام في مطعم المطار مثل مذاق الطعام في مطاعم لوكاس كارتون، وتور دا أرجنت، ولا كريميلير مجتمعة. لكن الرجل الجالس في الطاولة المجاورة له كان يشتكي بشدة بشأن الطعام. لكنه بالطبع لم يكن قد ولد من جديد بعد خمسة أشهر من المعاناة وبعد سبعة أيام مع كاتي آن.
بدا وجه تومي المستدير الودود في استراحة فندق كاليدونيان أكثر استدارة وودا مما بدا عليه وجهه من قبل.
لم تكن توجد رياح.
صفحه نامشخص