فجرى الحديث على المعجزات.
وقال الشيخ: «إن المحقق من سيرة النبي - عليه السلام - كاف للدلالة على وحي القرآن؛ لأنه - عليه السلام - لم يأت بمثل هذه البلاغة قبل الأربعين، وكان يشكو انقطاع الوحي فترة بعد نزول القرآن الكريم عليه.»
فقلت: «إنه دليل حسن ولكنه غير ملزم، فقد اشتهر مثلا عن النابغة الذبياني أنه لم ينظم الشعر قبل الأربعين أو نحوها، وذلك تعليل لقب النابعة في بعض الروايات، واشتهر كذلك عنه وعن غيره أنه أجبل؛ أي انقطع عن النظم فترة ثم عاد إليه، فنحرت قبيلته الذبائح فرحا بانطلاق لسانه؛ لأنه أنفع لها من غزوة تنتصر فيها على أعدائها.» «إنما المعجزة الكبرى هي الرسالة المحمدية، التي لا ينهض بها فرد ولا أمة بغير معونة إلهية.
وإنما المعجزة الكبرى هي أثر القرآن في الضمائر، وأثره في تواريخ الأمم الإسلامية وغيرها.»
ومن حق الشيخ أن أذكر له في هذا السياق أنه لم يغضب ولم ينكر وجاهة التعقيب على كلامه، ودعاني ملحا إلى زيارته في «دار المنار».
ولكنني لم ألقه بعد ذلك، وإن كنت ألقاه حينا بعد حين في صفحات مجلته «المنار»؛ لأنها من المجلات العربية التي حرصت على اقتنائها من أول أعدادها إلى آخرها.
عبد العزيز جاويش
كلما ذكرت الشيخ عبد العزيز جاويش، ذكرت زيه على الخصوص؛ لأنه كان أول ما لفتني إليه، ولم يزل موضع التفاتي بعد ذلك كلما رأيته أو سمعت بخبر من أخباره في بعض المناسبات.
كان لنا زميل في مدرسة «أسوان الأميرية »، لا تقل شهرته بيننا بالجهل عن شهرته بالعبث وقلة المبالاة.
وتخرج بعدنا من المدرسة، فعينته وزارة المعارف مدرسا بها للترجمة، لشدة الحاجة يومئذ إلى المدرسين.
صفحه نامشخص