وردت عليه إحدى النساء قائلة: ولكن أنديرا غاندي امرأة وقد ساعدتها إمكانياتها الذهنية والفكرية أن تحكمك أنت والرجال والنساء في الهند، فهل هي امرأة أم رجل؟ وسكت لحظة كأنما نسي أن امرأة هي التي تحكم الهند ثم قال: نعم هي امرأة، ولكن المرأة امرأة. وسألت: ماذا تعني أن المرأة امرأة؟ وحاول أن يتحدث مستخدما تلك الكلمات كالأنوثة والرجولة ... إلخ، وأدركت أن الرجال حتى وإن حكمتهم امرأة يظل تفكيرهم ونظرتهم إلى المرأة - وبالذات الزوجة - كما هو؛ وهذا يدل على أن الزواج أو الأسرة الأبوية هي البؤرة الأساسية التي يتربى فيها الرجال بهذه الأفكار، وباستمرار نظام الزواج الأبوي فسوف تظل هذه الأفكار في عقول الرجال (والنساء أيضا) سواء حكمهم رجل أو امرأة.
المرأة العاملة بأجر في الهند تمثل 19٪ من قوة العمل (ضعف الرقم في مصر) وهي تعمل في كل مكان، تعمل في الحقل وتعمل في المصنع وتعمل في المكتب، وفوق كل ذلك تعمل في البيت، تطبخ وتكنس وتخدم الصغار والكبار، فيما عدا القلة من نساء الطبقة المستريحة القادرات على استئجار الخدم والمربيات والطباخين.
النساء العاملات يمثلن 45٪ من جملة عدد النساء في الهند، من هؤلاء 77٪ يعملن بالزراعة فقط، والمرأة التي تعمل بالزراعة هي تلك المرأة الكادحة التي تشقى طول النهار في الحقل ثم تعود إلى بيتها تطبخ وتغسل وتنظف، وهكذا فإن معظم نساء الهند كمعظم النساء في العالم يدفعن كل شيء ولا يحصلن في النهاية إلا على ما يسد الرمق ومعاملة سيئة من الزوج المسيطر، وفي بعض مناطق بالهند لا تجلس الزوجة في حضور زوجها، وإنما تظل واقفة طول الوقت هي وبناتها. أما الزوج والأولاد الذكور فيجلسون، وفي بعض المناطق يحرم على البنات والنساء دخول المعابد التي لا يدخلها إلا الذكور، وتنتشر الكثير من الخزعبلات عن الأنوثة والرجولة والشرف.
ولا زال مفهوم الشرف في كثير من مناطق الهند قاصرا على الحفاظ على الأعضاء الجنسية وبالذات عند البنات والنساء، ولكن هناك مناطق تفرض العذرية على الذكور أيضا، ويحرم على الشاب أن يمارس الجنس قبل الزواج، وفي بعض المناطق يتزوج الرجل امرأة واحدة، أما المرأة فلها عدد من الأزواج.
وقد وجدت أن اختلاف أنظمة الزواج أبوية كانت أو أموية، تعدد زوجات أو تعدد أزواج، كل ذلك يرتبط بالنظام الاجتماعي والاقتصادي لهذه المنطقة أكثر مما يرتبط بالنظام الديني أو الأخلاقي. في بعض مناطق الجنوب وجدت أسرا أموية ومسلمة في الوقت نفسه، ووجدت أن المسلمين والمسلمات في بعض المناطق الهندية يحرمون على الرجال تعدد الزوجات؛ لأنه يضر بالمنطقة اقتصاديا، وهكذا. •••
قرأت اليوم في الجريدة الصباحية الهندية أن آلاف المسلمين الهنود في «مدراس» جنوب الهند صلوا مع الهنود الآخرين لإله المطر؛ ليشفق على الناس ويمنع عنهم ذلك الجفاف الشديد الذي حدث في المنطقة. وقالت الجريدة: إن الأمطار انهمرت من السماء بعد 72 ساعة من الصلاة، واعتقد كثير من الناس أن إله المطر هو الذي أنزل المطر على حين ذكر علماء الأرصاد الجوية أن الأمطار هطلت بسبب تكاثف السحب في المنطقة وهبوط في درجة الحرارة بسبب رياح من المحيط .
تذكرني بعض العادات في الهند بالعصور الوسطى، حين كان الناس يفسرون الأمطار والعواصف والكوارث تفسيرا دينيا، ولا زال بعض الناس في الهند (وفي أماكن كثيرة من العالم) يؤمنون بالخرافات والخزعبلات.
المرأة الأرملة في الهند تعامل أحيانا كالساحرة الشريرة في العصور الوسطى. كانت الزوجة الهندية إلى عهد غير بعيد تحرق نفسها بعد موت زوجها، أو كانت أسرتها تقيدها بالحبال وتلقيها في النار مع جثة زوجها (عادة الهنود حتى الآن هي حرق الموتى). وقد انقرضت هذه العادة تقريبا في معظم مناطق الهند، لكن المرأة الأرملة ظلت مكروهة، وبعضهم يتصور أنها سبب الكوارث التي تحدث أحيانا. بعض الأحزاب السياسية من ذوي الميول الرأسمالية والإقطاعية تستغل هذه العادة القديمة لتهاجم أنديرا غاندي (وهي امرأة أرملة). إنهم يروجون بين عامة الناس أن الكوارث التي تحدث في الهند من حين إلى حين مثل الفيضانات أو موت الآلاف من الجوع أو الأمراض، كل ذلك لأن التي تحكم الهند امرأة أرملة، ويحاول هؤلاء بطبيعة الحال أن يضللوا الناس عن فهم الأسباب الحقيقية للمشاكل وأهمها الاستغلال الاقتصادي للشعب الهندي، والاستعمار القديم والجديد الذي تحاول أنديرا غاندي أن تحاربه.
أشفق على هؤلاء الملايين من الهنود الذين يركعون في معابدهم كل صباح أمام تمثال الإله شيفا ليمنع عنهم المرض أو الجفاف أو الجوع، غير مدركين أن الإله شيفا وغيره من الآلهة لا يمنعون الجوع، وإنما الذي يمنع الجوع هو عدالة توزيع ثروات الهند على أهلها وناسها بدلا من أن تنهبها أقلية في الداخل ومستعمرون في الخارج. •••
براهما، فيشنو، شيفا، هم الآلهة الثلاثة الرئيسية في الهند للقوة والخلق والدمار، وهم يقولون إن الإله القادر على الخلق هو الإله القادر على الدمار؛ ولهذا يرمز شيفا إلى الخلق والقتل معا. تماثيل الإله شيفا متعددة الأشكال، أهمها ذلك التمثال الذي يرقص وله أربعة أذرع تقطر الدم من إحداها وتحت قدميه طفل مقتول. والقصة تقول: إن الإلهة برافاتي زوجة شيفا ولدت ولدا، لكن شيفا ظن أن برافاتي زوجة خائنة وأن هذا الولد ليس ابنه، ومسك شيفا السيف وفصل رأس الطفل عن جسده.
صفحه نامشخص