وهناك في مختلف أجزاء البلدة عدة فسحات مكشوفة يباع فيه البعض من أنواع السلع ، وقد سميت بأسمائها ، مثل «سوق الغزل» و «سوق الموسلين» و «سوق الحنطة» وما أشبه (1). ومن بين هذه كلها كانت أكبرها وأزهاها السوق القريبة من الباب الشمالية الغريبة ، أو باب الموصل (2). غير أن أية سوق من هذه الأسواق لا يمكن أن تمت بصلة إلى أي رونق أو بهاء ، وحتى إلى النظافة بالذات. والحقيقة أن السوق التي ذكرت لآخر مرة هي «ميدان» (3) المدينة الكبير. وتعرض الخيل هنا للبيع ، وهو محاط بالمقاهي الممتلئة على الدوام بجمهور من جميع أنواع الناس الذين يجلسون فيها للتدخين وشرب القهوة وما أشبه. وهو في الوقت نفسه الميدان العام للاستعراض ، وتنفيذ أحكام الإعدام كذلك ، لأن المجرمين يعاقبون هنا بقطع الرأس والشنق أو الجدع (قطع الأيدي والأرجل). فكثيرا ما يلاحظ المارة أمامهم جذعا مقطوع الرأس ، أو جذعين ، يعرض على الناس خلال اليوم تنبيها لفاعلي الشر. على أن التركي المتزمت ، الذي لا يتأثر بهول المشهد ، يدخن شطبه بهدوء أو يمر بما يشاهده من دون أن يعبأ به ، أو يغمغم بكلمة لا إله إلا الله. وحتى هذا المكان الذي يستعمل لكل شيء لا يحتوي على أكثر من أيكر (4) ونصف من الأرض على ما أعتقد.
صفحه ۸۰