ثم أخذ في الوقت نفسه يفتش من حوله عن آلات مسخرة يستعين بها على تنفيذ مهمته الخطرة ، فوقع اختياره على موظف آخر من الموظفين الذين يضع فيهم الباشا جل اعتماده وهو المير آخور (1) أو «رئيس الخلية» فكان هذا رجلا يتحلى بمواهب غير قليلة. فأفضى إليه بأمر السلطان ، وعرض عليه في الوقت نفسه أن ينصبه هو في الباشوية بشرط أن يكون ملزما بمساعدته في قتل سيده الباشا ، لكن المير آخور ، على كونه من أصحاب المواهب والقابليات ، لم تحمل أعصابه تلك المهمة الخطرة التي كلف بها بهذه الطريقة. على أننا دعنا نأمل كذلك أن تكون للتقدير الخالص لسيد لطيف متسامح حصة في تعيين الموقف الذي اتخذه. فأخبر السيد «المصرف» بالأمر ، وذهبا معا إلى الباشا فأخبراه بالطبيعة الأصلية للمهمة التي جاء بها القبوچي (2).
أما الباشا الذي كانت شجاعته الأدبية على ما يبدو لا تساوي قابلياته الأخرى ، فقد ارتبك للخبر وتبين أنه غير قادر على اتخاذ قرار ما حول السبيل الذي كان يترتب عليه أن يسلكه . لكن الأمر كان أخطر من أن يقابل بالتلكؤ والتباطؤ. وما كان من مشاوريه المذكورين إلا أن يقولا له «لا بد أن نقضي على القبوجي ، وإلا فسيقضي هو عليك وعلينا. وإذا كنت تشك في مهمته فإنك مقضي عليك لا محالة. إن هذا هو وقتك فاغتنم الفرصة فيه» .. وإذا
صفحه ۱۲۰