PARATEXT|
مقدمة الرحلة (1)
هذا كتاب «رحلة الرابي (2) بنيامين بن يونة التطيلي (3) النباري (4)» الذي جاب المدن العديدة البعيدة. وسجل ما شاهده في الأمصار التي مر بها عيانا، أو ما نقله عن الثقات ذوي الأمانة المعروفين لدى يهود أسبانية. وقد أورد أسماء مشاهير العلماء والرؤساء في الأماكن التي زارها. وعاد بمعلوماته هذه إلى قشتالة (5) سنة 4933 العبرية (6).
صفحه ۱۷۸
والرابي بنيامين من الثقات العارفين بالتوراة والشريعة. وقد أثبت التمحيص والتدقيق صحة ما أورده، ودل على صدقه وأمانته (*) وهذا بدء حديثه:-
رحلة بنيامين
قال الرابي بنيامين بن الرابي يونة طاب ذكره:
كان رحيلي في أول الأمر عن مدينة سرقسطة (1). فانحدرت منها بطريق نهر إبرة إلى طرطوشة (2). وبلغت بعد مسيرة يومين مدينة
صفحه ۱۷۹
طر كونة (1) القديمة، ذات الأوابد الجسيمة من بناء الجبابرة وأسلاف الإغريق، مما لا نظير له في جميع بلاد الأسبان، وموقعها على شاطئ البحر. ومنها على مسيرة يومين:-
برشلونة (2)Barcelona وفيها طائفة من اليهود وجماعة من العلماء
صفحه ۱۸۰
والحكماء والرؤساء الكبار. منهم الرابيون ششت (1) وشئالتيال (2) وسليمان (3) بن إبراهيم بن حسداي. والمدينة، على صغرها جميلة.
يؤمها التجار من اليونان وبيزة وجنوة وصقلية وإسكندرية مصر وفلسطين وما والاها وسواحل إفريقية، للبيع والشراء. وعلى مسيرة يوم ونصف اليوم منها:-
صفحه ۱۸۱
جيرندة (1)Gerona وفيها طائفة صغيرة من اليهود. وعلى مسيرة ثلاثة أيام منها:-
صفحه ۱۸۲
أربونة (1)Narbonne الشهيرة بمجامعها (2) العلمية، مصدر العلم والدين للأقطار المجاورة. وفيها عدد كبير من الأشراف والعلماء، على رأسهم ر. قلونيموس (3) ابن العلامة الرئيس الجليل تيودوروس طاب ذكره، من آل الملك داود، وبيده الوثائق التي تؤيد صحة نسبه، وهو ذو أملاك وعقارات أقطعه إياها ملوك البلد، وليس لأحد أن ينتزعها منه.
Arcluves Israelites 1681: 944( Clarimoscious Filius Tauroscii
صفحه ۱۸۳
وفيها من العلماء الرابيون إبراهيم (1) رئيس المجمع العلمي ومكير (2) ويهوذا وغيرهم. ويبلغ عدد اليهود فيها نحو 300 أسرة (3). وعلى مسيرة أربعة فراسخ (4) منها:-
صفحه ۱۸۴
بيزيه (1)Bezier وفيها طائفة من العلماء على رأسهم الرابيان سليمان حلفته (2) ونثانيال (3). وعلى مسيرة يومين منها:-
صفحه ۱۸۵
مونبليه (1)Montpellier وهي بلدة تجارية تبعد نحو الفرسخين عن الساحل، حيث يجتمع التجار من نصارى ومسلمين من مختلف الأمصار، من عدوة الغرب (2) ولمبردية وممالك رومية الكبرى وفلسطين واليونان وفرنسة وأسبانية وإنكلترة، من الذين يتحدثون بكل لغة ولسان، لأنها القاعدة التجارية للجنوبيين والبيزيين. وفي هذا البلد عدد من كبار علماء هذا الجيل، على رأسهم الرابيان إبراهيم بن
صفحه ۱۸۶
تيودروس ومردخاي. وبينهم الأغنياء والأسخياء، يمدون يد المعونة إلى من يقصدهم من ذوي العوز. وعلى مسيرة أربعة فراسخ منها:-
لونل (1)Lunel وفيها طائفة من اليهود والعلماء والفقهاء. منهم العلامة الشهير الرابي مشولم (2) وأبناؤه الخمسة الأثرياء الحكماء، وهم الرابيون يوسف وإسحاق ويعقوب وهرون وآشر (3) وهذا الأخير ناسك
صفحه ۱۸۷
متقشف، لا شأن له في أمور الدنيا، يقضى أوقاته صياما وعكوفا على الدرس والعلم، لا يذوق اللحم زهدا. وهو ثقة، واسع الاطلاع في التلمود. وفي لونل كذلك الرابي موسى (1) صهره والرابي صموئيل الشيخ (2) وسليمان كوهين. ويهوذا بن طيبون (3) الطبيب الأندلسي وغيرهم من العلماء الوافدين من أقاصي البلاد لطلب العلم. وتهتم الطائفة بإيواء طلاب العلم وإعالتهم طيلة مكوثهم في المدرسة. ويبلغ عدد اليهود في هذه المدينة نحو الثلاثمائة. وهم موصوفون بالعلم والتقوى وإغاثة القريب والبعيد من إخوانهم. حرسهم الله. أما موقع البلدة فعلى نحو فرسخين من البحر. وعلى مسيرة فرسخين منها:-
بوسكيار (4)Posquieres وهي بلدة كبيرة فيها قرابة أربعين يهوديا.
صفحه ۱۸۸
ولها مدرسة كبرى يرأسها الحبر الجليل إبراهيم بن داود (1) وهو عالم واسع الاطلاع في التوراة والتلمود (2)، يقصده طلاب العلم من البلاد القصية. فيؤويهم بيته ويسد حاجتهم بثروته الطائلة. وهناك طائفة أخرى من العلماء، بينهم الرابيون يوسف بن منحم وبنبنيشتى وبنيامين وإبراهيم وإسحاق بن موسى. وعلى مسيرة ثلاثة فراسخ منها:- نو غرس (3)ST .Giles أو برج القديس أجيل. فيها نحو مائة يهودي، بينهم من العلماء، الرابيون إسحاق بن يعقوب وإبراهيم بن يهوذا،
صفحه ۱۸۹
وإلعازر وموسى ويعقوب بن لاوي. وفي المدينة دير مقدس يحجه النصارى من الأقطار والجزر البعيدة. وهي على بعد ثلاثة أميال من البحر، واقعة على ضفاف نهر رودي (1) العظيم الذي يسقي كورة بروفانسية. فيها من العظماء الرئيس أبا ماري بن إسحاق (2) ناظر ديوان الخراج في بلاط الأمير ريمند. وعلى مسير ثلاثة فراسخ منها:-
آرل (3)Arelate ,Arles فيها زهاء مائتي يهودي، أشهرهم الرابيون موسي وطوبي وإشعيا وسليمان. وعلى مسيرة ثلاثة أيام منها:-
صفحه ۱۹۰
مرسيلية (1)Marseilles مقر العلماء والغاؤونية (2). يبلغ عدد يهودها زهاء الثلاثمائة. وهم طائفتان: تسكن الأولى الأحياء السفلى من المدينة على شاطئ البحر. وتقطن الثانية في أعلاها، بجوار الحصن الكبير. ولكلتا الطائفتين مدرسة كبيرة وعلماء أعلام. نخص بالذكر من علماء الأولى، الرابيين شمعون بن أناطولي (3) وليبارو. ومن علماء الثانية، الرابيين فرفنيانو (4) المثرى الشهير وختنه إبراهيم بن مئير،
صفحه ۱۹۱
وإسحاق بن مئير (1). والمدينة ثغر تجاري واسع على شاطئ البحر. ومنها كان الإبحار في سفينة إلى:-
جنوة (2)Genoa الفرضة البحرية الكبيرة. تبعد عن مرسيلية مسيرة أربعة أيام بحرا. وفي هذه المدينة يهوديان اثنان قدما إليها من سبتة، هما الفاضلان صموئيل بن خيلام وأخوه. ويستدير بالبلد سور حصين.
ولا يحكمه ملك بل شيوخ ينتدبهم الأهلون للقضاء. ولكل بيت من بيوتها برج. تدور رحى المعارك بين الأهلين من أعالي هذه الأبراج في أيام الفتن. والجنويون مسيطرون على البحار. يجوبونها بسفنهم الخاصة المسماة «غاليس (3)» ويقومون بأعمال القرصنة على الروم والمسلمين، فيعودون إلى جنوة بالأسلاب والغنائم الوفيرة. والحرب قائمة في هذه الأيام بين جنوة وبيزة. وهذه تبعد عنها مسيرة يومين:-
صفحه ۱۹۲
بيزة (1)Pisa البلدة الكبيرة. فيها زهاء عشرة آلاف دار محصنة بالأبراج المنيعة، والحرب قائمة في مختلف أرباضها. أهلها قوم أشداء لا يدينون بطاعة لملك، وإنما يمنحون السلطة شيوخا ينتدبونهم للحكم.
وفي المدينة زهاء عشرين يهوديا، على رأسهم الرابيون موسى وحييم ويوسف. والبلد غير محاط بسور. يبعد عن البحر زهاء أربعة أميال.
يتوسطه نهر أرنو الحافل بالعدد الوفير من السفن الغادية والرائحة.
وعلى بعد أربعة فراسخ منها:-
لوكة (2)Lucca أول إقليم في الأنبرذية (3). وهي مدينة عامرة فيها
صفحه ۱۹۳
زهاء أربعين يهوديا، من أعيانهم الرابيون داود وصموئيل ويعقوب.
وعلى مسيرة ستة أيام منها:-
رومية الكبرى (1)Roma حاضرة الدولة النصرانية. يقطنها نحو
صفحه ۱۹۴
المائتين من اليهود ذوي المكانة المحترمة. وهم أحرار لا يدفعون الجزية.
يوجد عدد منهم بين بطانة البابا الكسندروش (1) الحبر الأعظم رئيس الكنيسة النصرانية. ومن مشاهيرهم الرابيان دانيال (2)
صفحه ۱۹۵
ويحيئيل (1)، والأخير شاب حسن المظهر على جانب من الذكاء وحصافة الرأي، كثير التردد على قصر البابا بصفة كونه ناظر الأملاك الخاصة. وهو حفيد ر. ناثان (2) صاحب القاموس والتفاسير. ومن علماء رومية أيضا الرابيون. يؤاب (3) بن سليمان ومنحم (4) رأس المثيبة وبنيامين (5) بن شبثاي.
يمر نهر التبر من وسط رومية فيشطرها شطرين. وفي جانبها الأول الكنيسة العظمى المسماة كنيسة «القديس بطرس دي رومة (6)» وأطلال قصر يوليوس قيصر (7). وفي رومية من المباني العظيمة
صفحه ۱۹۶
والمنشآت الجسمية ما لا نظير له في غيرها من مدن العالم. وتبلغ مساحة ما هو خراب وما هو معمور منها أربعة أميال (1). وفيها ثمانون قصرا لثمانين ملكا كانوا يحملون لقب انبراذور (2). أولهم تاركن (3)، ومنهم نيرون (4) وطباريوس (5) اللذان عاصرا يسوع الناصري، وآخرهم ببين (6) محرر الأسبان من المسلمين ووالد قار له (7) الذي حارب المسلمين في إسبانية.
صفحه ۱۹۷