رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
ژانرها
والغالب أنهم استقروا هناك في نحو أواسط القرن السابع عشر كجماعات بدوية تشارك في خفارة الطريق التجاري بين مصر والسودان عبر أودية كورسكو وجبجبة، ثم استقر بعضهم في الجيوب الصغيرة على النيل يمارسون الزراعة وتنظيم القوافل معا.
خريطة (6): مناطق الغنى والفقر في النوبة.
ولم يكن العليقات وحدهم في هذه التجارة عبر الصحراء، بل ربما سبقهم إلى ذلك بعض عشائر العبابدة الذين استقروا في دراو وأقليت شمال أسوان، وفي سيالة وكورسكو ومناطق عديدة من النوبة الشمالية، وتمثل دراو نهاية الطريق الصحراوي ومنطلقه، بينما كانت سيالة نقطة انطلاق أخرى عبر وادي العلاقي وكورسكو عبر واديها الشهير، وفي بربر نهاية الطريق الصحراوي الجنوبية، استقر عدد آخر من العبابدة يحكمون القبضة على الطرق من أولها إلى آخرها.
وكانت عشائر العشاباب العبادية تقوم بدلالة القوافل وحراستها، وهم أكثر العبابدة ارتباطا بالصحراء الجنوبية الشرقية المصرية، وهم بحق جوالو الصحراء، وتخشاهم البشارية المتناثرة في جنوب هذه المنطقة، وتزور جماعات عشابية وبشارية مناطق الكنوز في أبوهور ومارية وقرشة بصفة شبه دائمة خلال الصيف؛ لسقاية حيواناتهم ورعيها على بقايا المحاصيل بعد الحصاد، ثم يمرون داخل الصحراء في الخريف والشتاء؛ حيث يمكن توفر الماء والمرعى في مناطق الأودية والآبار حيازتهم.
أما المنطقة الفقيرة الممتدة من المحرقة إلى المضيق، فهي منطقة شبه خربة باستثناء جيب سيالة والمضيق، وكانت خلال العصر البطلمي والروماني حدود مصر الجنوبية، فلا مطمع للدول القديمة فيها أو في المنطقة الوعرة التي تليها جنوبا، وبذلك شكلت كل المنطقة من المحرقة إلى نحو كورسكو تخوما طبيعية بين مصر ودولة مروى في فترات الضعف المصري، بينما كانت الحدود في عصور القوة تمتد إلى منطقة تخوم طبيعية أخرى، هي مناطق الجنادل الكبرى التي توجد في بطن الحجر جنوب وادي حلفا.
وأخيرا فإن منطقة الرمال التي تشغل ما بين جنوب توشكى إلى أبو سمبل، فقد سكنت بعض أجزائها وجزرها قبيلة بدوية هي الجراريش، التي امتدت أيضا داخل بلاد السكوت فيما يعرف باسم بطن الحجر - الاسم النوبي هو «كولو ن تو
Kulu-n-tu » - وكان قوام حياة الجراريش الأساسي دلالة الطريق - كان دليل بوركهارت في رحلته من الدر إلى بلاد المحس واحدا من الجراريش عام 1813 - والقيام بجمع السنامكي ونباتات طبية أخرى من الجبل شرقي النيل، والقيام برحلات جماعية إلى المنخفضات الصغيرة على درب الأربعين للحصول على النطرون وبيعه في الدر، وكان ينافسهم في ذلك سكان منطقة الكوبانية - على الضفة الغربية شمال أسوان - وفي أحيان يحدث قتال دام بين المجموعتين إذا تصادف التقاؤهما معا في أماكن جمع النطرون.
شكل 3-1: عدد سكان النوبة ونسبتهم حسب المجموعات اللغوية.
الفصل الرابع
سكان النوبة
صفحه نامشخص