رحله در اندیشه زکی نجیب محمود
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
ژانرها
انشغل مفكرنا في المرحلة الأولى من تطوره الفكري، من بين الموضوعات التي انشغل بها، بتخلف مجتمعه، وكانت فكرة «التقدم» من بين الأفكار التي مال إليها بكل عقله وقلبه، على حد تعبيره.
3
وراح يفسرها على أنها تعني: «... أن الحاضر قد هضم الماضي ثم أضاف جديدا تلو جديد مما أنتجته السنون، ومعنى ذلك ألا يكون «العصر الذهبي» وراء ظهورنا، بل أن يكون موضعه الصحيح هو المستقبل الذي يعمل الناس على بلوغه ...»
4
فالتقدم الحضاري يقتضي حتما ألا نجعل الماضي مقياسا للحضارة، وكيف نجعله المقياس، إذا كان هذا الحاضر أفضل منه بحكم فكرة التقدم نفسها؟! النظر إلى الماضي هو نظر إلى الوراء، على حين أن التقدم يقتضي أن نوجه النظر إلى الأمام، والانحصار في الماضي هو انحصار في نمط واحد من أنماط الحضارة؛ مع أن التقدم يحتم علينا الخروج من نمط أضيق نطاقا إلى نمط أوضح أفقا وأرحب إطارا.
5
وسافر في بعثة دراسية إلى إنجلترا والأفكار تتزاحم في ذهنه وتلح عليه في وطأة ضاغطة، وانثيال متدارك عنيد، فقد كان يشعر أن هناك قيما كبرى بغيرها لا تتقدم حياة الإنسان خطوة واحدة: كالحرية، والعدالة، والمساواة والمسئولية الخلقية للفرد ... إلخ إلخ ؛ ولهذا فقد كان أول ما انتبه إليه في «يقظة واعية» هو طريقة التعامل بين الناس؛ ففي إنجلترا تصان لكل فرد كرامته ، دون أن يكون لاختلاف أنواع العمل أي أثر في أن يتعالى أحد على أحد، أمام مجتمعنا، فمهما أطلقنا اللسان بكلمات الحرية والمساواة وما إليها، فنحن إنما ندس في طوايا نفوسنا أخلاق النظم، التي تقسم الناس إلى سادة وعبيد؛ ولهذا «فلم يكن أعنف من ثورتي على «القيم» كما هي قائمة في حياتنا، بحيث تسمح للمستبد أن يستبد، وتجيز لذليل النفس أن يذل ...»
6
وهكذا أدرك بوضوح ناصع، أننا نكتفي بالكلام عن حرية الإنسان وحقوقه وكرامته ... «... أما أن ننتقل من دنيا الكلام إلى التنفيذ، فذلك من أصعب الصعاب على من لم يتشرب روح الحضارة، التي تعلي من قيمة الإنسان، فلما رأيت القيمة مجسدة (في إنجلترا)، في كل موقف بشري مما صادفته في تعامل الناس بعضهم مع بعض، تنبهت بقوة إلى ركن ناقص في بنائنا الاجتماعي في مصر ...»
7
صفحه نامشخص