رحله در اندیشه زکی نجیب محمود
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
ژانرها
ويجعل شغله الشاغل بعد ذلك الاهتمام بالتفرقة بين المجال الذي لا بد لنا أن نستخدم فيه العقل والمجال الذي نحتكم فيه إلى الشعور والوجدان؛ «فمن لا يريد أن يتحدث عما يقع في حسه مما يتاح للآخرين أن يراجعوه فيه بحواسهم؛ فهو لا يريد أن يتحدث بلغة العقل. وليس في ذلك رفع ولا خفض للغة المشاعر، بل الأمر أمر تفرقة بين نوعين مختلفين من الكلام، فإذا كان المجال مجال علم، فلا يجوز للشعور أن يتسلل إلى سياق الحديث بألفاظه الدالة على الوجدان، أما إذا كان المجال مجال أدب وفن، فليختر ما يشاء من لفظ ليثير في سامعه المشاعر التي يقصد إلى إثارتها فيه ...»
29
ولهذا فإننا لا نراه يطلق صيحة «فولتير» الشهيرة: «هيا نلتهم بعض اليسوعيين»، قاصدا التهكم بالطبع من رجال الدين، بل نراه على العكس يهتم بالتفرقة بين «الدين»، و«التدين»، و«علوم الدين» ليزيل ما يقع فيه الناس من لبس، حتى أهل التخصص منهم، فتحديد الفواصل بين هذه المعاني المختلفة من أوجب الواجبات التي يقوم بها المفكر التنويري، وهو يضرب كثرة من الأمثلة لإزالة هذا الغموض العالق بأذهان الناس؛ فالشجرة يستظل بها عابر سبيل، ويدرسها عالم النبات، ونحن هنا أمام ثلاثة أطراف متميز بعضها عن بعض، ولكنها موصولة: الدين هو هذه الشجرة، والرجل المتدين كمن يستظل بظلها، وعالم النبات هو أشبه بعلماء الدين. وهكذا نجد أن الدين شيء والتدين شيء آخر وعلوم الدين شيء ثالث! كذلك المصباح الذي يبعث بالضوء للقارئ ويدرسه علم الضوء؛ المصباح هو الدين، والقارئ هو المتدين، وعالم الضوء هو الممثل لعلماء الدين ... وهكذا وهكذا .
واهتمامه بهذا الجانب الوجداني هو الذي جعله يقدم لنا تحليلات دينية بالغة العمق، ولك أن تقرأ له «فلسفة الشهادة»، وماذا تعني شهادة «لا إله إلا الله» التي هي أصل ثابت في حياتنا الثقافية.
30
أو أن تقرأ «الضمير الديني».
31
أو تفرقته بين «الفكر الإسلامي» من ناحية وفكر المسلمين من ناحية أخرى، أو أن تقرأ تفسيره الرائع للآية الكريمة:
اقرأ باسم ربك الذي خلق ...
32
صفحه نامشخص