رحلة الصديق إلى البلد العتيق
رحلة الصديق إلى البلد العتيق
ناشر
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
محل انتشار
قطر
ژانرها
٦ - فصل في السعي
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٥٨]، وفي الحديث: "إن الله كتب عليكم السعي"، وفي رواية: "فاسعوا" رواه أحمد، واستدل به من قال: بأن السعي فرض، وهم الجمهور، وعند الحنفية: أنه واجب يُجبر بالدم، وبه قال الثوري، وفي الناسي خلاف العامد، وقال عطاء: إنه سنة لا يجب بتركه شيء، وبه قال أنس فيما نقله عنه ابن المنذر، واختلف عن أحمد كهذه الأقوال الثلاثة.
وقد أغرب الطحاوي، فقال: قد أجمع العلماء على أنه: لو حج، ولم يطف بالصفا والمروة: أن حجه قد تم، وعليه دم، وحكاه صاحب "الفتح" وغيره عن الجمهور: أنه ركن لا يجبر بالدم، ولا يتم الحج بدونه، وأغرب ابن العربي المالكي، فحكى: أن السعي ركن في العمرة بالإجماع، وإنما الخلاف في الحج، وأغرب أيضًا المهدي في "البحر"، فحكى الإجماع على الوجوب. قال ابن المنذر: إن ثبت -يعني: الحديث المذكور-، فهو حجة في الوجوب.
قال في "الفتح": العمدة في الوجوب قولُه ﷺ: "خذوا عني مناسككم".
قلت: وأظهر من هذا في الدلالة على الوجوب حديثُ مسلم: "ما أتم اللهُ حجَّ امرىءٍ ولا عمرته، لم يطف بين الصفا والمروة"، انتهى.
وبالجملة: فالسعي بينهما واجب، والمشي أفضل من الركوب، وعليه أهل العلم.
وصفة السعي: أن يخرج من باب الصفا باتفاق الأربعة؛ كما فعل رسول الله ﷺ، وهو في محاذاة الضلع الذي بين الركن اليماني والحجر، ويُستحب أن يقدِّم رجلَه اليسرى في الخروج من المسجد، ويقول عند خروجه: "اللهمَّ افتحْ لي أبوابَ رحمتك"، فإذا خرج من ذلك، وانتهى إلى الصفا، وهو جبل، ليرق فيه درجًا في حضيض الجبل بقدر قامة الرجل، فقد رقي
1 / 95