رحلة الصديق إلى البلد العتيق

صدیق حسن خان قنوجی d. 1307 AH
153

رحلة الصديق إلى البلد العتيق

رحلة الصديق إلى البلد العتيق

ناشر

وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

محل انتشار

قطر

ژانرها

وأما التوكل، فعلى الله وحده، والرغبةُ إليه وحده، كما قال تعالى: ﴿وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ﴾ [آل عمران: ١٧٣] ولم يقل: ورسوله، وقالوا: ﴿إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾ [التوبة: ٥٩] ولم يقل: ورسوله، كما قال في الإيتاء، بل هذا نظير قوله تعالى. ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ [الشرح: ٧ - ٨] وقال: الذين ﴿قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران: ١٧٣]. وفي "صحيح البخاري" عن ابن عباس، قال: ﴿حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران: ١٧٣]، قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد ﷺ حين قالوا: ﴿إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣]، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: ٦٤]، أي: وحده حسبك، وحسب المؤمنين الذين اتبعوك. ومن قال: إن المعنى: إن الله والمؤمنين حسبك، فقد، غلط وضل، بل قوله من جنس الكفر؛ فإن الله وحده هو حسبُ كل عبد مؤمن، والحسبُ: الكافي، كما قال تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر: ٣٦]. والله تعالى له حق: لا يُشرك فيه مخلوق؛ كالعبادة والإخلاص والتوكل والخوف، والحج والصلاة والزكاة والصيام والصدقة، والرسول له حق: كالإيمان به وطاعته واتباع سننه، وموالاة من يواليه، ومعاداة من يعاديه، وتقديمه في المحبة على الأهل والمال والنفس، كما قال ﷺ: "والذي نفسي بيده! لا يؤمن أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين". بل يجب تقديم الجهاد، والذي أمر به على هذا كله، كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٢٤]، وقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾ [التوبة: ٦٢] انتهى كلام الشيخ -رحمه الله تعالى-، وما أوقفه بسنة الرسول وأحقه بالسمع والقبول! ثم يستحب أن يخرج إلى البقيع، ويزور مَنْ به من الصحابة وغيرهم،

1 / 153