رحلة الصديق إلى البلد العتيق
رحلة الصديق إلى البلد العتيق
ناشر
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
محل انتشار
قطر
ژانرها
ولهذا ذمَّ من تخلف عن هذه الطاعة، ولم يقل مسلم قط: إن على من ظلم نفسه بعد موته أن يذهب إلى قبره ويسأله أن يستغفر له، وهذا بخلاف قوله: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥]؛ فإنه نفى الإيمان عمن لم يحكمه، وتحكيمه هو ما جاء به حيًا وميتًا، ففي حياته كان هو الحاكم بينهم بالوحي، وبعد وفاته نوابه وخلفاؤه.
ويوضح ذلك أنه قال: "لا تجعلوا قبري عيدًا"، ولو كان يشرع لكل مذنب أن يأتي إلى قبره، لكان القبرُ أعظم أعياد المذنبين، وهذا مضادة صريحة به وبما جاء به، انتهى كلامه ملخصًا.
واستدلوا ثانيًا بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. . .﴾ [النساء: ١٠٠] الآية، والهجرة إليه في حياته الوصولُ إلى حضرته، فكذلك الوصول بعد موته.
ولا يخفى أن الوصول بحضرته في حياته فيه فوائد لا توجد في الوصول إلى حضرته بعد مماته، منها: النظر إلى ذاته الشريفة، وتعلُّم أحكام الشريعة منه، والجهاد بين يديه، وغير ذلك.
واستدلوا ثالثًا للأحاديث الواردة في ذلك:
منها: الأحاديث الواردة في مشروعية زيارة القبور على العموم، والنبي ﷺ داخل فيه دخولًا أوليًا، وكذلك الأحاديث الثابتة من فعله ﷺ في زيارتها.
ومنها: أحاديث خاصة بزيارة قبره الشريف: أخرج الدارقطني عن رجل من آل حاطب عن حاطب، قال، قال رسول الله ﷺ: "من زارني بعد موتي، فكأنما زارني في حياتي"، وفي إسناده رجل مجهول، والحديث ضعيف مضطرب الإسناد. وعن ابن عمر عند الدارقطني أيضًا قال، فذكر نحوه، ورواه أبو يعلى في "مسنده"، وابن عدي في "كامله"، وفي إسناده حفص بن أبي داود، وهو ضعيف الحديث.
وقال أحمد فيه: إنه صالح، وعن عائشة عند الطبراني في "الأوسط" عن
1 / 136