وقد ذكر العبدري في رحلته هذه المدينة وذكر انه وجدها خالية والذي يظهر أنها خلت قبل الإسلام إذ لم يذكرها أحد ممن ذكر فتوح أفريقية والله اعلم بغيبه.
غريبة أخبرني بعض أهل تلك البلاد أن الملك الذي بنى هذه المدينة وقع موتان في عسكره حتى تفانوا ولم يدر ما سببه فأمر بشق بطن واحد منهم وشق قلبه فوجد فيه دودة فعلم أن ذلك سبب موتهم فأمر بصب جميع الأودية عليها واحدا فواحدا فلم تمت حتى أخرج زيتا كان عنده في قارورة جاء بها من أرض الشام فصب عليها قطرة منه فماتت فعلم أن دواء ذلك المرض أكل لزيت فبعث إلى الشام وجاءه غرس الزيتون فأمر بغرسه في تلك الأوطان كلها من مصر (1) إلى سوسة وتونس وأعمالهما ومن تلك الساعة بقي الزيتون في هذه البلاد والله اعلم انتهى كلامه.
قال (ابن ناصر) وفي غير هذه الحجة رأيناها ورأينا فيها العجب العجاب ، وموعظة وذكرى لأولي الألباب ، ولله در القائل (2):
لدوا للموت وأبنوا للخراب
فكلكم يصير إلى ذهاب
ثم قال ونخل هذا الساحل ردي التمر كله لا يدخر ولا ييبس إلا بعد إزالة النوى منه فيبقى كقطع الجلدة لا قوة فيه ولا حلاوة ولا طعم قال الإمام أبو سالم لا تكاد تفرق بينه وبين لحاء الشجر.
قلت وفيه تمر جيد يجعلونه بمساليخ (3) وأما جل ما يتقوتون (4) به فكما قال قال
صفحه ۲۲۴