والرجال فقالوا ما هذا الرجل وظنوا أني خرجت من عقلي ففر الكل ولم يبق أحد في ذلك الوقت إلا هرب ثم مر علي شخص فقال لي رحمك الله لو كنت معنا دائما لزالت هذه الأمور العظيمة (1) إذ يحرم ذلك إجماعا.
وأما أهل القرية فلم يعجبهم صنعي بان ظهر التغير على وجوههم غير أنهم سكتوا إذ العاصي ذليل ثم حممنا منه في محل الستر وكذا أهلنا ليلا فمنها ظعنا لقابس (2) ونزلنا خارجه عن بعد منه فلما أصبح الله بخير الصباح أتى أهل قابس يتسوقون مع الركب إلى صلاة الظهر فأتى الأعراب فغاروا على أبل الركب فنهبوا جملين لصاحب سيدي أحمد بن حمودة (3) ثم ذهبت أنا وسيدي أحمد بن الطيب لأمير المحلة هناك وفضلاء الحمارية (4) نشكو بما صار بنا وإذا بطائفة أخرى أخذوا بغل سيدي يحيى بن صالح من وطننا فلما سمع الركب بذلك نهبوا من كان بقابس في الركب وأخذوا الفضة وغيرها فدخلنا على القائد بين المغرب والعشاء فأخبرناه الخبر وقال لا بأس عليكم فغدا إن شاء الله يرجع ما لكم فخرجنا من عنده فوجدنا جماعة منهم ينتظروننا ليمسكونا في الركب فلما عرفوني تركوني فذهبوا إلى سيدي أحمد الطيب فلما زجرتهم تركوه وأتوا إلى العلام فوجدوه هاربا قبل ذلك فأمنا ذلك (5) فمكثنا غير بعيد إلا والإجمال رجعوا على يد الحمارية (6) رزقهم الله البركة وأعانهم ونصرهم على الظالمين.
صفحه ۱۶۲