أخذوا بهذا الجواب وتركوا النص الأول.
ثم قال القاضي : أعلم أن لي شيخا كبيرا ، وهو قاضي بقي في بلادكم سنين ، وقال لي : أن أقول لك تمشي عنده ، وأكد علي في ذلك. قلت له : نمشي إن شاء الله .
وبعد ذلك بأيام قال لي : لا بد أن نمشي عنده ، فمشيت على غرضه ، والتقيت به في داره وهو من نحو الثمانين سنة. فلما عرفني قال لي ، بعد أن أقبل علي ، وأظهر الفرح ، وجلست معه ، قال لي : كنت ببلادكم نحو الخمس سنين في القسطنطينية ، وسألت عن نبيكم وذموه لي ، قلت : لمن سألت عنه؟ لأن المسلمين عندهم خبره من حين خلق ، ومن أرضعته من النساء ، وأين مكث ، وإلى أي بلد سافر ، وما عمل من الغزوات ، وما كان من أحاديث والأوامر والنواهي والوصايا ، وما عمل من المعجزات ، ومع من تزوج من النساء إلى أن مات. وأنتم ليس لكم خبر سيدنا عيسى عليه السلام أين كان؟ وأين سافر من بعد أن بلغ ثلاث عشرة سنة إلى ثلاث وثلاثين ، التي تقولون أنه صلب؟ قال لي : ديننا هو دين الحق ، لأنه مات ليخلص الذنب الأول عن سيدنا آدم عليه السلام وعن الجميع ، بسبب الفاكهة التي نهاه الله تعالى عنها فأكلها ، قلت : نحن عندنا خلاص لما ورثنا من الفاكهة خير من خلاصكم ، لأنكم تقولون أن واحدا وهو سيدنا عيسى عليه السلام يخلص عن الجميع ، ونحن نخلص كل واحد عن نفسه ، قال : كيف هو خلاصكم؟ قلت له : أبونا آدم عليه السلام ... (96) كان في الجنة ، وما كان يخرج من جسده شيء من الفضلات حتى أكل من الشجرة التي أمر بتركها صار يخرج من جسده ما لا كان قبل ، قال : نعم ، قلت : فهذه الفضلات التي يخرج منا هي التي ورثنا بسبب الشجرة ، واعلم أنه فرض في ديننا على كل مكلف بالغ ، ذكرا كان أو أنثى ، أنه يصلي الله تعالى في كل يوم خمس صلوات ، ومن شروط فرائضها أن يكون طاهرا بوضوء ، لأنه لا يدخل لحضرة المولى إلا بوضوء ، مطهر للجسد ، مما ورث من الفاكهة المذكورة وأحدثت في الجسد النجاسات ، فيغسل الإنسان مواضع النجاسة في الجسد ، ثم يغسل يديه ، لأجل أن أبانا آدم عليه السلام مد يده إلى الفاكهة
صفحه ۸۲