مدينة مراكش بالمغرب. وبعد ذلك باثنتي عشرة سنة فرج الله تعالى على الأندلس المسلمين الذين كانوا فيها تحت قهر النصا [رى وظله] هم فأمر (14) عليهم سلطان البلاد المسمى بفلب الثالث من اسمه بالخروج جميعا من بلاده. واتفق لكثير من المسلمين الأندلس عند خروجهم أن نهبهم في البحر النصارى وأكثرهم الفرنج البحرية الذين اكتروهم ودفعوا لهم أجرتهم على أن يبلغوهم في عافية وأمان إلى بلاد المسلمين ، وخانوهم كل واحد من الرياس في سفينته. وبعد أخذ كل ما كان لهم أخرجوهم في بعض الجزر من بلاد المسلمين ، وأربع من تلك السفن المنهوبة خرجت بالمغرب الأقصى ، فأحسن المسلمون البربر بالأندلس ، وجاءوا إلى مدينة مراكش ، وهي دار سلاطين المغرب ، وطلبوا من السلطان مولاي زيدان ابن السلطان مولاي أحمد ابن السلطان مولاي محمد الشيخ الشريف الحسني أن يأذن لهم في إرسال بعض من أصحابهم مع رجل [من] (15) الأندلس الذين كانوا قبلهم بتلك المدينة ، واتفق نظرهم أن نمشي بأصحابهم ، وأعطانا للسلطان كتابه وذهبنا إلى أسف : هي مدينة على البحر المحيط ، وفيها ركبنا وبلغنا إلى بلاد الفرنج ، ووقع لي كثير مع علمائهم من القسيسين والرهبان والقضاة في شأن الأديان ، واحتجت أقرا الإنجيل الذي بأيديهم الآن ، ومنه ومن غيره من كتبهم وجدت ما نرد عليهم ، ونبطل حججهم ، ونصرني الله عليهم مرارا عديدة. وذكرت بعد ذلك حين وليت إلى مراكش شيئا من الحكايات والمناظرات والأجوبة مني إليهم لبعض الإخوان. وطلب مني غير واحد من علماء المسلمين أن أعمل تأليفا بذلك ، ولم يتفق العمل ، إلى أن أمرني شيخنا وبركتنا بمصر المحروسة بالله وهو العلامة الشهير علمه وثناؤه في الأقطار والبلدان : الشيخ علي بن محمد المدعو زين ابن العلامة الشيخ عبد الرحمن بن الأجهوري المالكي ... (16) بأكثر مما طلبوا ، وجعلت التأليف رحلة سميتها برحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب ،
صفحه ۲۰