وأجازني؛ ثم درجوا كلهم في الطاعون الجارف.
وكان قدم علينا في جُمْلة السلطان أبي الحسن، عندما مَلك إفريقية سنة ثمان وأربعين، جماعة من أهل العلم، وكان يلزمهم شهود مجلسه ويتجمل بمكانهم فيه: فمنهم شيخ الفتيا بالمغرب، وإمام مذهب مالك، أبو عبد الله محمد بن سليمان السطي؛ فكنت أنتاب مجلسه، وأفدت عليه. ومنهم كاتب السلطان أبي الحسن، وصاحب علامته التي توضع أسافل مكتوباته، إمام المحدثين والنُّحاة بالمغرب، أبو محمد بن عبد المُهَيمن بن عبد المهيمن الحضرمي؛ لازمته، وأخذت عنه، سماعًا، وإجازة، الأمهات الست، وكتاب الموطأ، والسِّيَر لابن اسحق، وكتاب ابن الصَّلاح في الحديث، وكتبًا كثيرة شذت عن حفظي. وكانت بضاعته في الحديث وافرة، ونحلته في التقييد والحفظ كاملة، كانت له خزانة من الكتب تزيد على ثلاثة آلاف سفر؛ في الحديث، والفقه، والعربية، والأدب، والمعقول، وسائر الفنون؛ مضبوطة كلها، مقابلة. ولا يخلو ديوان منها عن ثبت بخط بعض شيوخه المعروفين في سنده إلى مؤلفه، حتى الفقه، والعربية، الغريبة الإسناد إلى مؤلفيها في هذه العصور. ومنهم الشيخ أبو العباس أحمد الزواوي، إمام المقرئين بالمغرب. قرأت عليه القرآن العظيم، بالجمع الكبير بين القراءات السبع، من طريق أبي عمرو الداني، وابن شُرَيْح، في ختمة لم أكملها، وسمعت عليه عدة كتب، وأجازني
بالإجازة العامة.
ومنهم شيخ العلوم العقلية، أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الآبلي. أصله من
1 / 40