============================================================
المختلفة تمد أغصانها للدارسين المستبصرين تطلب الري ومدد النماء.
وكان القرن الثاني في الواقع لا يكفي لاستيعاب فقه السنة والكتاب، وتأسيس أصول السلوك، بل إن أصول الوعي الروحي للإسلام لم تكن قد استمسكت جذورها بعد في تربته الطاهرة الطيبة.
ولذلك لم يكن الفكر الإسلامي قد اكتمل كما، وإن كان قد برز في سمائه اعلام مؤسسون فإن التكامل يبدو عند ظهور الوجهات المقايلة ، ورد التلاميذ على المقابلين هم، وهو ما تم بالفعل في القرن الثالث . إذ كان الجمع والفقه والتأصيل الا و التشاور والأخذ والرد بيد فحول العلماء الذين تمخضت عنهم القرون الثلاثة قدا اكتمل جمعا وفقها وضبطا في جميع فروع المعارف الإسلامية الأصيلة . وأصبح علىا لوحة الزمن : النعمان ، ومالك ، والشافعي، وأحمد، والسفيانان، وابن المبارك والأوزاعي بالشام، والليث بن سعد في مصر . كما كان في ميدان السلوك أمثال الجنيد البغدادي ومعروف الكرخي، وبشر الحافي . وكان للسلوك والعقيدة معا إمامنا الجليل الحارث بن أسد المحاسبي إذ هو أول من تكلم في إثبات الصفات لا وأول من قمع قرون الشيطان الوافدة إلى بلاد الإسلام من ضلالات الأمم المفتوحة التي لا تزال تحن إلى وثنية زمنية قضى الإسلام على أصولها.
وقد كان الإمام المحاسبي مع تخصصه في التصوف علما وذوقا وحالا، وفي العقيدة ذوقا واعتقادا وعلما، فقيها شافعيا عظيما لا خلاف في عظمته، بل الخلاف كله قد دار في أنه : هل كان من أصحاب الشافعي الآخذين عليه، أم كان من المعاصرين له السائرين على مذهبه، كما تحدث ابن السبكي في طبقات الشافعية .
وكان مع فقهه محدثا خبيرا ، عن عدد كبير من أئمة الحديث، من طبقة يزيد ابن هارون.
وحدث هو كذلك، وسمع عنه الكثير من التلاميذ الذين صاروا أئمة فيما بعد .
ومن هنا يمكن أن يقال بحق : إن الإمام الحارث بن أسد المحاسي ، كان زاهدا
صفحه ۴