123

============================================================

با يفوت وقته فيقدم ما قدم الله ويؤخر ما أخر الله عز وجل، وإن كان في فرض فعرض له فرض دونه لم يخرج إليه فيكون عاصيا بتركه ما أوجب الله عز وجل، عليه بعد ما دخل فيه، وإن عرض له فرض أوجب مما هو فيه قطعة ولا يمكث فيما دخل فيه، فيكون عاصيا لله ثم كما كتبت له بابا بابا . وكذلك لايدع الفرض لنافلة، وكذلك يعمل في النافلة الأفضل على ما كتبت لك .

قلت: فإن عرض أمران واجبان أو فضلان، فلم يتبين أيهما أوجب أو أفضل، قال ينظر أيهما أخف على قلبه، فإن كان أخف من قبل الهوى أتى الذي ثقل ، لأن ه لا يؤمن عليه، أن يعمل الذي خف عليه هوى نفسه لا لربه عز وجل، وإن كان أخف عليه لأنه أسلم أو القلب فيه أزيد عملا - وما أقل ذلك إلا من قلوب الصادقين الأقوياء - أتى الذي هو أخف، لأنه لأن يعبد الله عز وجل بنشاط الطاعة، أفضل من أن يعبده بكراهة ومكابدة، ولا يؤمن عليه أيضا الملال والشغل عن الله عز وجل فيه، وأيضا : إذا هو أقل سلامة وأقل زيادة في القلب لم يؤمن عليه أن لا يسلم فيه، وإن سلم لم يزدد في قلبه كما يزداد في الذي قد نشط له القلب و فرغ له، وإن لم يتبين له لم خف عليه أو لم ثقل ، فأحب إلي أن يأتي الذي هو

أقل ، لأنه لم يتبين له أن الخفة إنما كانت من قوة قلبه وطلبه السلامة والزيادة في العمل، فهو إلى الهوى أقرب منه للخشية ، لما جرب العمال من أنفسهم، ولما طبعوا عليه من خفة ما وافق شهواتهم من الدنيا، وثقل ما نافر هواهم من عمل الآخرة.ا و قوله عز وجل: فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) (1)، (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم)(2) الآية.

فرجانا الخير في المكروه وخوفنا الشرت في المحبوب، ولو شاء جل ثناؤه لقال : عى أن تحبوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو شرة لكم، ولكن نبهنا لما هو أغلب علينا ولما بنانا عليه وطبعنا، وهو أعلم بنا.

(1) سورة النساء، الآية: 19.

(2) سورة البقرة، الآية: 216.

صفحه ۱۲۲