Rhetoric 2 - Meanings - Madinah University
البلاغة ٢ - المعاني - جامعة المدينة
ناشر
جامعة المدينة العالمية
ژانرها
إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ (آل عمران: ٩) وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا﴾ (آل عمران: ١٩٣) فالتوكيد في كل هذه الآيات لإظهار غاية التضرع والابتهال إلى الله ﷿.
وقد يكون الداعي إلى التوكيد رغبة المتكلم في تقوية مضمون الكلام عند المخاطب وتقريره في نفسه، وإن كان غير منكر له، ولا متردد فيه، كقوله تعالى في مخاطبة موسى ﵇: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ (طه: ١٢ - ١٤). وقوله في مخاطبة محمد ﷺ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا﴾ (الإنسان: ٢٣) فالمخاطب، وهو النبي ﷺ لا يشك في شيء من ذلك، ولكن التوكيد يهدف إلى زيادة تقرير المعنى في نفسه حتى يبلغ به عين اليقين، وفي ذلك تثبيت لفؤاده حتى ينهض بأعباء الدعوة إلى الله في يقين راسخ، وفي ذلك ما فيه من الإيناس والتلطف في مخاطبة هؤلاء الرسل الذين هم صفوة خلق الله جميعًا.
وقد يكون الداعي إلى تأكيد الحكم: إظهار صدق الرغبة فيه، وقصد ترويجه، كقوله تعالى حكاية عن المنافقين: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ (البقرة: ١٤) فهم يخاطبون المؤمنين بقولهم: ﴿آمَنَّا﴾ بدون توكيد؛ لأن أنفسهم لا تساعدهم على التأكيد لعدم الباعث والمحرك من العقائد، أو لأنه لا يروج عنهم لو قالوه على التوكيد والمبالغة، بينما أكدوا في خطاب إخوانهم ﴿إِنَّا مَعَكُمْ﴾ بصدق رغبتهم فيهم، وارتياحهم للحكم بالإضافة إلى أنه رائج عنهم متقبل منهم، فكان مظنة للتحقيق والتوكيد.
1 / 94