والدعوة الذي أمر الله ﷾ به رسوله والمؤمنين ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥] (١) ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [الشورى: ٤٣] (٢) ﴿وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ﴾ [لقمان: ١٧] (٣) .
وقال الرسول ﵊: «الْمُسْلِمُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُمْ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» (٤) .
وعندما رجع الرسول ﵇ منكسرا حزينا من الطائف بسبب المقابلة السيئة التي قابله بها أهلها، ورميهم له بالحجارة حتى أدموا عقبيه ﷺ، وشتمه وإيذائه، جاءه جبريل ﵇ يخبره أن ملك الجبال نزل لأول مرة إلى الأرض، أرسله الله جل وعلا يستأمر رسوله ﵊ في أن يطبق على أهل مكة الأخشبين لتكذيبهم لله ولرسوله، فكان جوابه ﵊ بالرفض، متذرعا بالصبر، مؤملا أن يكتب الله لهم ولأعقابهم طاعة الله والدخول في هذا الدين قائلا: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» (٥) .
(١) سورة النحل، الآية: ١٢٥.
(٢) سورة الشورى، الآية: ٤٣.
(٣) سورة لقمان، الآية: ١٧.
(٤) أخرجه الإمام الترمذي في الجامع ٣٥ - كتاب صفة القيامة، ٥٥ - باب في فضل المخالطة مع الصبر على أذى الناس ح (٢٥٠٧)، ص (٥٧٠) .
(٥) هذا حديث أم المؤمنين عائشة ﵂ أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: ٥٩ - كتاب بدء الخلق، ٧ - باب إذا قال أحدكم: آمين. ح (٣٢٣١)، ص (٦٦٠ - ٦٦١) .