وغيرة تَدْعُو إِلَى صون مَا مهد لَهُ حجر، وَالْتمس فِي حسن كفَالَته أجر، وتلقى فِي مراودته وصل وهجر، وارتقب لاجتلابه فِي ليل الحبر فَخر. وَإِن كَانَ ذَلِك مِمَّا لَا يحجب، فالغيرة فِيهِ أعجب، وَفِيمَا فَوْقه أوجب، وأنف لرياضة الْأنف أَن يقتطعها الإغفال، ولخزاينه أَن تصدأ فَوق مصاريعها الأقفال، ولجياده الْعتاق، أَن تَلْتَبِس مِنْهَا بالهوادي المشرفة الْأَعْنَاق والأعجاز والأكفال. وعَلى ذَلِك فألفيت عِنْد الافتقاد عقب الرقاد، بدايع الْأَدَب النثر، قد ضَاعَت وتملكتها أَيدي الذهول عَنْهَا، فَوهبت وباعت، بعد مَا أظمأت وأجاعت، وَإِذا فَلم يبْق إِلَّا ثَمَرَات من أوقار عير، وشعرات من جلد بعير، إِذْ كنت قبل الِاعْتِمَاد من الدولة النصرية، بالمشاورة والموازرة، والمعاونة والمظاهرة، والحرص على خدمتها، بوظيفة الأقلام والمثابرة، إِذْ الْعُمر جَدِيد، وظل النشاط مديد، أكل مسوداتها المجتلبة، إِلَى حفظ الكتبة، وأرمى بعقودها البذخة، إِلَى الأنامل المنتسخة، مشتغلا عَن الشَّيْء بِمَا يتلوه، غافلا عَن منحطه بالغرض الَّذِي يعلوه. وَالْولد فِي الْغَالِب المختبر، لَا يقدر قدره إِلَّا مَعَ الْكبر، فَلَمَّا بت بهمه، وتقت إِلَى جمعه وضمه، وتوهمت الثراء بجمه، راعني صفور نَادِيه وَقد عَادَته عواديه، ونضوب واديه، من بعد إمداد غواديه، وانخفاض نَادِيه وصمات مناديه، بعد حذق شاديه، والتقاء حاضره وباديه. فأدميت الأنامل ندما، أَن صَار وجوده عدما، إِلَّا وَرَقَات تشبثت بِمَا أسأرته الْحَادِثَة على الدولة من سقط الْمَتَاع، وشلو مختلس من براثن سِبَاع. سميته عِنْد الِاسْتِقْرَار بِمَدِينَة سلا حرسها الله، وَقد اخترتها موادعا لفرق الدَّهْر، مُتَمَتِّعا بصبابة الْعُمر " كناسَة الدّكان بعد انْتِقَال السكان " وأضفت إِلَيْهِ من بعد مَا خبأته وجادة، أَو ذخرته استجادة،
1 / 18