مضى السِّهَام، وأنشأت فِي آفَاق الْعُقُول، سحب الخواطر، مَا بَين المخلف والماطر، والصيب والجهام. وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد، خير الْأَنَام، الَّذِي جعله فِي روض هَذَا الْوُجُود المجود، بسحاب الْجُود زهرَة الكمام، وَختم ديوَان الْأَنْبِيَاء، من دَعوته الحنيفية السمحة بمسكة الختام. وَالرِّضَا عَن آله البررة الْأَعْلَام، أولى النهى والأحلام، مَا قذفت بشهد الْحِكْمَة نحل الأقلام، وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا. وَبعد فَإِنِّي لما يسر الله مني للآداب جالي سماتها، وناشر [رممها] بعد مماتها. وصاقل صفحاتها، وَقد محا محاسنها الصدا، بعد بعد المدا، وموضح طريقتها المثلى، وَقد أضحت طرائق قددا، والغاشي لضوء نورها، لعَلي أجد على النَّار هدى. بذلت فِيهَا من كل دن، وَلم أقتصر من [فنون غرايبها] على فن. فَجعلت عقايلها تتزاحم عَليّ، تزاحم الْحور على سَاكن جنَّات الحبور، فقيدت من شواردها بِالْكتاب، مَا لَا تقله ذَوَات الأقتاب، وأتيت بيوتها من الْأَبْوَاب، فَكَانَ مَا قيدته من الْغرَر، وانتقيته من نفايس تِلْكَ الدُّرَر، أناشيد لَو تجسدت للعيون، لكَانَتْ ياقوتا، أَو استطعمت لكَانَتْ للقلوب قوتا. وَلَو ورد الْأَمر فِي الْخَبَر الْمَنْقُول، بِحِفْظ نتايج القرائح [والعقول]، لكَانَتْ على الْمُؤمنِينَ كتابا موقوتا. من كل عراقية المنتمى، مترددة بَين الرصافة ومحراب الدمى، مَاء الرافدين على أعطافها يسيل، وسر من رأى، مَا انجلى عَنهُ خدها الأسيل. وشامية تقلبت بَين الْجَابِيَة والبلاط أَي مُنْقَلب. وَبَقِيَّة مِمَّا ترك آل حمدَان فِي حلب. وحجازية ورى لَهَا [فِي الفصاحة] الزند، وتضوع من
1 / 27