214

ریحانه الالبا و گل زندگی

ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا

پژوهشگر

عبد الفتاح محمد الحلو

ناشر

مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٣٨٦ هـ - ١٩٦٧ م

الأمْصار، إذ لم تجِدْ حُرَّا ترْتَجِيه، ولا أخَا وَجْدٍ تُطارِحُه هوَى نجْدِ وتجارِبه، كما قلت: يا وَيْحَ مِصرَ ترحَّلَتْ سُكَّانُها ... وتعطَّلتْ تلكَ المجالسُ والمدارسْ ظَعَنُوا ومِن بركاتِها وجَمالِها ... كُنِسَتْ وهاتِيكَ النخيلُ بها مكانِسْ فكأن الكرامَ أوراقُ خريفٍ لوَتْه الأعاصِير، وبدّده الشَّتات، ورُسومُها خَطَّ بها البَلاءُ آياتِ الموارِيث وصُحفَ الفرائِض فلا يُذْكَر فيها غيرُ الأمْوات، فإذا رجع أو خرج منها المسافِر، ما وَدَّعه واستَقْبَله غيرُ المقابِر. عليها لقد حَطُّوا رِحلا بمنْزلٍ ... وكم هَوْدَجٍ من بْينها مُرتخِي الشَّدِّ وقد كنتُ أدْأَبُ في التَّرحال، لأحُطَّ برَبْعِها المُخْصِب رِحالَ الآمال، رجاءُ لقاءِ أشْياخي وأخْداني، ومغازلةِ مَن بها من خُرَّدِ أوَانِس الأمانِي، ممَّن سافَنْتُه بوادِيها، وساجَلْتُه بدِلاءِ المجُون في بَوادِيها، وقد تنْزِل من حِصْن طَوْدِها الأوابِد، كما قال كُشاجِم في كتاب) المطارد (: إن الوحوشَ قد تلِجْ العُمْران، وتلْجَأُ للآنِس، إذا كَلَب الشِّتاء، وعبَس بالجَدْب وجهُ الزَّمان، فعُدِمت الأقوات، وأخْفَى الْجَمَد والثَّلْج الماءَ والنَّبات، فشاب منه الوليد، كما قال مُسلِم بن الوليد: فإن أَغْشَ قومًا بعدَهم أو أَزُورهم ... فكالوحْشِ يُدْنِيها من الآنسِ الْمَحلُ

1 / 218