فى ذلك اليوم الذى استشهد فيه عثمان بايع أكثر الصحابة عليا (كرم الله وجهه)، ولما تربع على عرش الخلافة، دبر مصالح البلاد والعباد على أحسن وجه، فأسند ولاية البصرة إلى عبد الله بن عباس، وأرسل عبيد الله بن عباس أميرا على اليمن، وعين بن العباس أميرا على مكة، وفى ذلك الوقت عزل معاوية عن الشام، وأرسل إليه رسالة فى هذا الأمر، فأجاب معاوية قائلا: من أعطاك هذه الخلافة حتى تعزلنى؟، ومن ذلك قامت الفتنة، وتمردت عائشة وطلحة والزبير واتهموه بقتل عثمان، ومضوا إلى البصرة، وبعد مرور عام على خلافته وكان عام ستة وثلاثين من الهجرة قامت حرب الجمل، وكان ذلك يوم الخميس العاشر من جمادى الآخرة، وقتل من أصحاب الجمل ومن أهل البصرة وغيرهما ثلاثة عشر ألف رجل ومن أصحاب على خمسة آلاف، وقتل الزبير وطلحة فى هذه الحرب، وأحضر عائشة إلى المدينة، وقتل أبو عبد الله بن الزبير بن العوام وأمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله (عليه السلام)، وكان الزبير فى هذا اليوم يبلغ من العمر أربعة وستين عاما على يد ابن جرموز فى وادى التباع فى البصرة ودفنوه هناك، وكان طلحة بن صفية الحضرمى، واختلف فى عمره، يقول الواقدى: كان عمره أربعة وستين عاما، ويقال: اثنين وستين عاما، ويقول أبو اليقظان: ستين عاما، وروى ثمانية وثلاثين حديثا عن رسول الله (عليه السلام) 18، وفى نفس السنة توفى أبو قتادة بن الحرث بن ربعى بن رافع الأنصارى السلمى، وكان يبلغ من العمر سبعين سنة.
وكانت حرب صفين فى العام السابع والثلاثين بين على ومعاوية، ووقعت بينهما المعارك أربعين مرة، وقتل فى مدة مائة يوم وعشرة سبعون ألف رجل من أهل الشام وخمسة وأربعون ألفا من العراق، ويقال: خمسة وعشرون ألفا، واستشهد خمسة وعشرون من الصحابة الذين كانوا مع على.
أبو اليقظان عمار بن ياسر- معروف بابن سمية- وكان عمره ستة وسبعين سنة ويقال: ثلاثا وتسعين سنة، وهو عمار بن ياسر بن مالك بن كنانة، وقيل عمار بن ياسر بن عامر بن مليك بن عبس، وكان عبس من مذجح اليمن ورهط العنسى الكذاب، وروى عن الرسول (عليه السلام) اثنين وستين حديثا، وتوفى فى نفس السنة الخباب بن الأرت، وكان فى الثالثة والسبعين من عمره، والتقى الحكمان وهما: عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعرى بأرض البلقا من حدود دمشق سنة ثمان وثلاثين. وفى نفس السنة توفى فى المدينة صهيب بن سنان بن مالك من أبناء نمر بن قاسط، وأمه سلمى من مازن بن تميم، وكان أبوه عامل كسرى أغار عليهم الروم فى أرض الموصل، وكان صهيب طفلا وحملوه أسيرا، ولما كبر فى الروم باعوه، فاشتراه عبد الله بن جدعان وحمله إلى مكة، وكان له من العمر سبعون سنة ودفنوه فى البقيع، وفى النهاية قدم على للكوفة، ومعاوية الشام وادعى الخلافة.
وكان كاتب أمير المؤمنين سعد بن مروان الهمدانى، وكان حاجبه قنبر غلامه، ونقش خاتمه (الملك لله الواحد القهار)، ويقال: نعم القادر الله، واستشهد بعد ذلك فى ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان سنة أربعين على يد ابن ملجم المرادى، وكانت مدة خلافته أربعة أعوام وتسعة أشهر.
صفحه ۱۱۲