كان الخليفة السادس عشر من خلفاء بنى العباس، والخامس والثلاثين بالنسبة للنبى (عليه السلام)، أمه أم ولد ضرار الرومية ووزيره عبد الله بن سليمان، ولما توفى، صار قاسم بن عبد الله وزيرا له ، وكانوا يسمونه السفاح الثانى، وكان صاحب رأى وتدبير وشجاعة، يقال: إنه عند ما أفضت له الخلافة لم يكن فى الخزانة أكثر من اثنى عشر درهما، وكان قبله قحط عظيم وحروب وفتن كثيرة، وفى عهده امتلأت الخزانة، وعمرت البلاد، ورخصت الأسعار، وأصبحت الرعية فى رخاء.
وفى سنة تسع وسبعين ومائتين وصل من مصر حسين بن عبد الله المعروف بابن الجصاص رسول خمارويه بن أحمد بن طولون 58، ومعه كثير من الهدايا لزواج قطر الندى بنت أبى الجيش بن خمارويه من على المكتفى بن المعتضد، وفى سنة اثنتين وثمانين ومائتين قتل أبو الجيش أباه خمارويه فى دمشق، وحمله إلى مصر، وصار ملكا عليها.
وتوفى فى نفس السنة إبراهيم بن إسماعيل القاضى، والحارث بن أبى أسامة، وهلال بن الوفى، وفى سنة ثلاث وثمانين ومائتين فى الثامن والعشرين من شهر رمضان توفى أبو عمرو مقدام بن داود الرعينى فى مصر، وكان من كبار أصحاب مالك، وفى هذه السنة توفى أبو جيش بن خمارويه وخلفه أخوه هارون، وفى هذه السنة أسند المعتضد قضاء بغداد إلى يوسف بن يعقوب، وقبض على أحمد بن الطيب بن مروان الفرجى صاحب يعقوب بن إسحاق الكندى، وسلمه لوالد غلامه، فعاقبه وفى سنة أربع وثمانين ومائتين أحضروا سرى رافع بن هرثمة إلى بغداد وعلقوه، وفى نفس العام كان قد وضع السيف على رقبة أبى ليلة الحارث بن عبد العزيز بن أبى دلف فى الحرب، ولكن حصانه حال برأسه السيف عنه فقتل، فأرسله عيسى النوشرى إلى بغداد.
وفى سنة خمس وثمانين ومائتين توفى أبو إسحاق محمد الحربى الفقيه المحدث يوم الخميس الثالث والعشرين من ذى الحجة، وكان فى الثمانين وبضع سنين من عمره، وتوفى فى نفس الشهر أبو العباس محمد بن يزيد النحوى المعروف بالمبرد فى بغداد، وكان فى التاسعة والسبعين من عمره.
صفحه ۱۸۶