كان الخليفة الخامس لبنى العباس، والرابع والعشرين بالنسبة للنبى (عليه السلام)، كان عظيما فاضلا متواضعا، بايعه يحيى بن خالد البرمكى مع أهل بغداد فى الليلة التى مات فيها الهادى، وكان يحيى من أبناء ملوك ساسان، فأسند إليه الوزارة، وولد المأمون فى تلك الليلة، ويسمون هذه الليلة ليلة الهاشمية، وقالوا فى هذا اليوم أشعارا منها قول الموصلى 39:

وولد محمد الأمين بعد ستة شهور من خلافة هارون، ومنح هارون خراسان إلى جعفر بن محمد بن الأشعث بن قيس، وتوفيت فى سنة خمس وسبعين ومائة الخيزران أم الرشيد، ومحمد بن سليمان والى البصرة.

وتوفى فى سنة خمس وثمانين ومائة، أبو الحارث الليث بن سعد المصرى، وكان فى الثانية والثمانين من عمره، وتوفى أبو عبد الله شريك بن عبد الله بن سنان النجفى القاضى فى الكوفة، وكان فى الثانية والثمانين من العمر أيضا، وتوفى حماد بن زيد.

وفى سنة إحدى وثمانين ومائة، توفى عبد الله بن المبارك المروزى القبة، وكان فى الثالثة والستين من عمره، وتوفى أبو يوسف القاضى يعقوب بن إبراهيم فى سنة اثنتين وثمانين ومائة، وكان فى التاسعة والستين من عمره، وتوفى أبو على فضيل بن عياض بن مسعود اليربوعى التميمى الخراسانى فى سنة سبع وثمانين ومائة.

حكاية:

قال هارون الرشيد ذات ليلة للفضل البرمكى: احملنى إلى رجل نأنس به هذه الليلة، فقد سئم قلبى من هذا العمل؛ فحمله الفضل إلى باب سفيان بن عيينة وصاح، فقال سفيان: من؟، فقال الفضل: أمير المؤمنين، فقال سفيان: لماذا لم تخبرنى حتى أقوم بالخدمة؟، فقال هارون: ليس هذا الرجل الذى أريده، فقال سفيان: إن الرجل الذى تطلبه هو فضيل بن عياض، فمضى الفضل وهارون إلى باب قصر الفضيل، وكان يقرأ القرآن، ووصل إلى هذه الآية: أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون 40 فقال هارون: إذا كنا نطلب النصيحة فهذا هو الصحيح، ثم طرق الباب، فقال الفضيل:

صفحه ۱۵۵