روضة المحبين

Ibn Qayyim al-Jawziyya d. 751 AH
120

روضة المحبين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

پژوهشگر

محمد عزير شمس

ناشر

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

شماره نسخه

الرابعة

سال انتشار

۱۴۴۰ ه.ق

محل انتشار

الرياض وبيروت

ژانرها

عرفان
الربِّ - تعالى - شرعًا وقَدَرًا، والملائكةُ هم المنفِّذون ذلك بأمره، ولذلك سُمُّوا ملائكةً، من الأَلُوكَةِ، وهي الرسالة، فهم رُسُل الله في تنفيذ أوامره. والمقصود أنَّ حركاتِ الأفلاك وما حَوَتْه تابعةٌ للحركة الإرادية المستلزمة للمحبَّة، فالحبُّ والإرادة أصلُ كلِّ فعلٍ ومبدؤه، فلا يكون الفعل إلا عن محبةٍ وإرادة، حتى دفعه للأمور التي يُبغضها ويَكرهها، فإنما يدفعُها بإرادته ومحبته لأضدادها، واللَّذة التي يجدُها بالدفع، كما يُقال: شفَى غيظَه، وشَفَى صدرَه، والشفاء والعافية يكون بالمحبوب (^١) وإن كان كريهًا، مثل شرب الدواء الذي يُدْفَع به ألمُ المرض، فإنه وإن [٢٣ أ] كان مكروهًا من وجهٍ فهو محبوبٌ؛ لما فيه من زوال المكروه وحصول المحبوب، وكذلك فعلُ الأشياء المخالفة للهوى، فإنَّها وإنْ كانت مكروهةً فإنما تُفْعَل لمحبَّةٍ وإرادة، وإن لم تكن محبوبةً لنفسها فإنها مستلزمةٌ للمحبوب لنفسه. فلا يتركُ الحيُّ ما يُحِبُّه ويهواه إلا لما يُحِبُّه ويهواه، ولكن يترك أضعفَهما محبةً لأقواهما محبَّة، ولذلك كانت المحبَّة والإرادة أصلًا للبُغض والكراهة، فإن البغيضَ المكروه يُنافي وجود المحبوب، والفعل إما أن يتناولَ وجود المحبوب أو دفعَ المكروه المستلزِمَ لوجود المحبوب، فعادَ الفعلُ كلُّه إلى وجود المحبوب.

(^١) ش: «يكون للمحبوب».

1 / 93