الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية
شرح اللمعة
وقد تكرر سفر الشهيد الاول إلى (الحلة) وتلقى العلم فيها على يد شيوخ كبار، وأساتذة مرموقين من أمثال (فخر المحققين) ابن (العلامة الحلي)، وغيرهم. واذا كانت (الحلة وكربلا المقدسة وبغداد) تعتبر ذلك اليوم مراكز للفقه الشيعي، والدراسات الشيعية فقد تكررت زيارات الشهيد للحرمين الشريفين، حيث كان طابع الفكر فيها جميعا طابعا سنيا.
واتيح (للشهيد الاول) عن طريق هذه الاسفار أن يندمج في أطر ثقافية مختلفة، ويعيش وجوها مختلفة من الفكر، ويتفاعل مع الاتجاهات الفكرية المتضاربة. فكان على صلة وثيقة بالاتجاهات الفكرية السنية، وعلى معرفة تامة بآرائها وأفكارها، كما كان على صلة وثيقة، ومعرفة تامة بمشيخة الرواية والفقه والكلام من أعلام السنة، مما يدل على أنه في أسفاره كان يخالط كثيرا من (أقطاب المذاهب الاسلاسية) الاخرى، ولم يكن ممن ينطوي فكريا على نفسه.
ويدل على ذلك قوله في إجازته لابن الخازن: وأما مصنفات العامة ومروياتهم فاني أروي عن نحو أربعين شيخا من علمائهم بمكة والمدينة، ودار السلام بغداد، ومصر ودمشق وبيت المقدس، ومقام ابراهيم الخليل. فرويت صحيح البخاري عن جماعة كثيرة بسندهم إلى البخاري. وكذا صحيح مسلم، ومسند أبي داود، وجامع الترمذي، ومسند أحمد، وموطأ مالك، ومسند الدار قطني، ومسند ابن ماجة، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ابن عبدالله النيسابوري، إلى غير ذلك.
وهذا النص يعيننا كثيرا على معرفة شخصية الشهيد العلمية.
صفحه ۸۷