الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية
شرح اللمعة
وهذا الحديث يشعرنا بضخامة العمل الذي قام به الشيخ في مجال البحث الفقهي والاصولي، فقد كان المتقدمون من الفقهاء يقتصرون على الفروع المذكورة في نصوص الاحاديث، ويعرضون عن تفريع فروع جديدة على هذه الفروع، واستنتاج أحكام جديدة لم يتعرض لها النص بدلالة المطابقة.
وكان فقهاء المذاهب الاخرى يجدون في هذا الاعراض والاقتصار مجالا للمؤاخذة والتنقيص، ويعتبرون ذلك من آثار الاعراض عن الاخذ بالقياس والرأي، فحاول الشيخ أن يثبت تفاهة هذا الرأي، ويعلن خصوبة البحث الفقهي عند (الشيعة)، وعدم عجزه عن تناول فروع، ومسائل جديده مستحدثة، وأن مدارك (الفقه الامامي) لا تقصر عن استيعاب فرع من الفروع مهما كان. ولا يجد الباحث الفقيه فرعا لا يجد له في (أصول الفقه الامامي وأحكامه) علاجا.
ووجد ثانيا جمود الفقهاء المتقدمين على ألفاظ ومباني واصول خاصة حتى أن أحدهم يستوحش لو بدل لفظ مكان لفظ آخر، فحاول أن يقضي على هذا الجمود، ويعيد صياغة الفقه والاستنباط من جديد بما يراه من موازين، واصول وقواعد تلائم مصادر التشريع.
ووجد ثالثا أن الفروع الفقهية مبعثرة خلال الكتب الفقهية بصورة مشوشة لايجمعها جامع، ولا يضم بعضها إلى بعض بتبويب خاص فحاول أن يجمع بين النظائر، وينظمها في أبواب خاصة، ويضم المسائل بعضها إلى بعض وينسقها.
ووجد رابعا أن نصوص الحديث تعرض للاحتجاج بها على الحكم عرضا من غير أن يعالج، والحكم الشرعي يؤخذ من مدلول النص أخذا مباشرا من دون أن يتوسط بين العرض والعطاء صناعة ومعالجة، وكان
صفحه ۷۱