الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية
شرح اللمعة
يزوره أعلام السنة في مجلسه، حتى أنه عد من كراماته أنه حينما ابتدا بكتابه (اللمعة الدمشقية) لم يمر عليه زائر من علماء السنة ووجهاء دمشق إلى أن تمت كتابة هذه الرسالة في سبعة أيام.
وهذه الرواية تدل على حرص (الشهيد) أولا على عدم إثارة المسائل الخلافية، والمحافظة على وحدة الكلمة بين المسلمين في ظروف اجتماعية مضطربة التي لمحنا منها بعض الملامح فيما تقدم من هذا الحديث. وتدل ثانيا على أن بيت (الشهيد) كان آهلا بمختلف الطبقات من علماء، ووجهاء من شيعة وسنة من دمشق وخارجها.
ولم يبق (الشهيد) هذه الفترة الطويلة في (دمشق) عاطلا عن العمل والنشاط، ولم ينتقل من (جزين) إلى (دمشق) لغير سبب ولم يكن الشهيد بالشخص العاطل المهمل في الحياة، فقد حاول أولا أن يكون لنفسه مكانة مرموقة في الاوساط الاجتماعية والفكرية، وهو عمل جبار اذا لاحظنا الظروف التي عاشها (الشهيد)، والفجوات الكبيرة التي كانت بين (السنة والشيعة) في ذلك الوقت.
وحاول ثانيا أن يستغل نفوذه في الاوساط السياسية، ومكانته الفكرية في الاصلاح، والتوجيه، وتوحيد الكلمة، والضرب على أيدي العابثين والمغرضين، فأخمد ثورة (اليالوش) المتنبي، ملا الفجوات التي كانت تفصل (الشيعة عن السنة) وقلص حدود الخلافات المذهبية والطائفية.
وقد كان الخلاف في وقته قائما على قدم وساق بين (السنة والشيعة) ومن ورائها كانت الصليبية تغذيها وتلهمها بمختلف الوسائل وكانت الحكومات تجد في ذلك كله إلهاءا لذهنية المسلمين وتخديرا لنفوسهم.
صفحه ۱۴۰