وهذه الأقاليم المنوطة بك تحتاج إلى نواب، وحكام، وأصحاب رأي من أصحاب السيوف والأقلام ؛ فإذا استعنت بأحد منهم في أمورك فنقب " عليه تنقيبا، واجعل عليه في تصرفاته رقيبا، وسل عن أحواله، ففي يوم القيامة تكون عنه مسؤولا، وبما أجرم' مطلوبة، ولا تول منهم إلا من تكون مساعيه حسنات لك لا ذنوبا، وأمرهم بالأناة في الأمور والرفق، ومخالفة الهوى إذا ظهرت أدلة الحق ؛ وأن يقابلوا الضعفاء في حوائجهم بالثغر الباسم، والوجه الطلق، وأن لا يعاملوا أحدة على الإحسان، والاباءة، الا بما يستحق ؛ وأن يكونوا لمن تحت أيديهم من الرعية ؟ إخوانا، وأن يوسعوهم برا وإحسانا، وأن لا يستحلوا حرماتهم إذا استحل الزمان لهم حرمانا، والمسلم أخو المسلم، ولو كان أميرة عليه أو سلطانة، فالسعيد من نسج ولاته في الخير على منواله، واستنوا بسنته في تصرفاته وأحواله، وتحملوا عنه ما تعجز قدرته عن حمل أثقاله.
ومما يؤمرون به أن يمحي ما أحدث من سيء السنن، وجدد من المظالم التي هي [ على الخلائق ] من أعظم المحن ؛ وأن يشتري بإبطالها المحامد [ فان المحامد ] رخيصة بأغلى ثمن ؛ ومهما جبي منها من الأموال فإنما هي باقية في الذمم حاصلة، وأجياد الخزائن أن أضحت بها حالية فإنما على الحقيقة منها عاطلة ؛ وهل أشقى ممن احتقب إثما، واكتسب بالمساعي الذميمة ذمة، وجعل السواد الأعظم يوم القيامة خصمة، وتحمل ظلم الناس فيما صدر عنه من أعمال، ووقد خاب من حمل ظلما.
صفحه ۱۰۶