بلغه أن بحر أشموم ربي البحر فيه طينة عظيمة حتى صار خوضأ، فنفذ الأمير سيف الدين الرشيدي لمباشرة هذه المصلحة العامة، التي عادة الملوك يباشرونها، فتوجه الأمير المذكور، وحضر الولاة إلى خدمته، وحفر ما يجب حفره، وغرق المراكب، ورد الماء اليه.
وأمر هذا البحر من أكبر المهمات ؛ وذلك لأنه لما وردت الفرنج في سنة خمس عشرة، وفي سنة سبع وأربعين وستمائة ما انتفع المسلمون بشيء كانتفاعهم بهذا البحر، وهو بمشيئة الله أحد أسباب النصر.
الاهتمام بالشواني المنصورة :
لما برد الله الملك إلى السلطان وجد من كان قبله قد أهمل أمور الشوافي، وهي خيل البحر، وستور الثغور، وما برحت الملوك تهتم بهذا الأمر، وتقطع رجالها الاقطاعات ؛ فوجد الأمراء قد أخذوا جماعة من رجالها في الحراريق وغيرها، فأعادها إلى ما كانت عليه في الأيام الكاملية، والصالحية، واحترز على الحراج، ومنع من التصرف في أعواد العمل، وأمر بعمارة شواني للثغرين، ونزل بنفسه إلى الصناعة، ورتب ما يجب ترتيبه في مصالح الشواني، وأحضر، شواني الثغور إلى مصر، وكانت فوق الأربعين قطعة، وعدة كثيرة من الحراريق، والطرائد، والسلالين.
وفي يوم الأحد تاسع عشر شهر رجب سنة تسع وخمسين ركب الخليفة ومولانا السلطان من القلعة، وتزلا جميعا إلى مصر، ثم ركبا الحراريق وتفرجا، وطلعا إلى قلعة الجزيرة، وجلسنا بمقعد البانياسي ولعبت الشواني، ثم عاد إلى القلعة.
صفحه ۹۲