ولما استقر السلطان بقلعته، وجلس في ايوان ملكه، حلف الناس على اختلاف طبقاتهم، فما بقي أحد إلا حلف ؛ واستقام الأمر بغير منازع، فأمر ونهی، وبذل الأموال، وأمر وأمر، وولتي وعزل، وكتب إلى صاحب الغرب، وإلى صاحب اليمن، وإلى جميع ملوك الشام، بما قدره الله من سلامة سلطانه، وطاعة أعوانه. وشرع في إقامة الدولة الصالحية على ما كانت عليه من نوامیس ورسوم، وولي في أموره غلمان الشهيد الملك الصالح، ممن كان - رحمه الله ! - قد اختارهم وانتخبهم ؛ فعظمت حرمة بابه، واستبشر الناس بأن الله ولى عليهم من يعرف أمور المملكة، وقوانينها، ويحل الناس في منازلهم ؛ وبطل المحدثات، وهي ألوف على ما سيأتي ذكره. وكتب بإقامة الشريعة المطهرة، وأقام مدة ما اهتم بركوب، ولا اشتغل إلا بترتيب الأمور، واستخلاص الأولياء وكشف حال الأعداء، وإحياء الرسوم الصالحية وتنويه ذكرها، إلى أن عرف المفسد من المصلح.
صفحه ۷۱