قلنا : هو جسم لأنه ألفاظ دالة على معان، ولا يلزم من كونه جسما كون جميع الأجسام كلاما لله وإن كانت مخلوقة، إذ ليس الخلق ولا الجسمانية علة مثبتة لمن اتصف بها اسم الكلام ولو لزم ذلك للزم أن يكون كل بيت يسمى بيت الله لما ثبت أن الكعبة بيت الله فلزم أن تكون بيع النصارى وبيوت النيران التي تعبد من دون الله وبيوت الأصنام بيوتا لله تعالى [ بل وللزم (¬1) أن يسمى كل جسم من جماد أو حيوان أو نبات بيت الله ] لمشاركته الكعبة في الجسمانية فتعين بطلان إلزامهم وظهرانه إذا أضاف الله عز وجل شيئا لنفسه تشريفا لذلك المضاف لا يلزم أن يكون كل شيء من جنسه مثله في التشريف، وناهيك أن الأنبياء تسمى أنبياء الله ورسل الله وقد شاركهم في جنسهم النوع الإنساني، فهل يصح لأحد من نوعهم أن يتسمى بأنه نبي الله أو رسول الله، هذا مما لا يقول به عاقل .
وأما قولهم بأنه لو كان عرضا يلزم أن يكون حالا في غيره والذات العلية لا تحلها الأعراض، فلزم أن يكون المحلول فيه غير الذات العلية ويحبب أن يكون ذلك المحلول فيه مؤثرا في هذا الحال كتأثير الشاعر في الشعر .
قلنا : قد تقدم أن القرآن جسم ولو قدرنا أنه عرض لقلنا بأنه حال في غير الذات العلية مما شاء الله من الأشياء ولا يلزم تأثير المحل فيه لأن كثيرا من الأشياء يحل فيها غيرها ولا تؤثر فيه كسبا، ولو قدرنا أنها مؤثرة فيه، فلا يمنع تأثيرها فيه من تسمية كلام الله وإنما لم يسم الشعر كلام الله لأنه من الأشياء التي يتعالى الله عن الإتصاف بها فسقط استدلالهم من كل وجه .
الأدلة النقلية
صفحه ۶۹