رسائل الجاحظ
رسائل الجاحظ: وهي رسائل منتقاة من كتب للجاحظ لم تنشر قبل الآن
ژانرها
كيف كانت بنو جمح تؤذي عثمان بن مظعون وتضر به وهو فيهم ذو سطوة وقدر وتترك أبا بكر يبني مسجدا يفعل فيه ما ذكرتم، وأنتم الذين رويتم عن ابن مسعود أنه قال: ما صلينا ظاهرين حتى أسلم عمر بن الخطاب؟ والذي تذكرونه من بناء المسجد كان قبل إسلام عمر، فكيف هذا؟! وأما ما ذكرتم من رقة صوته وعتق وجهه، فكيف يكون ذلك وقد روى الواقدي وغيره أن عائشة رأت رجلا من العرب خفيف العارضين، معروق الخدين، غائر العينين، أجنى لا يمسك إزاره، فقالت : ما رأيت أشبه بأبي بكر من هذا؟! فلا نراها دلت على شيء من الجمال في صفته.
قال أبو جعفر:
هذا الكلام وهجر السكران سواء في تقارب المخرج واضطراب المعنى. وذلك أن قريشا لم تقدر على أذى رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وأبو طالب حي يمنعه، فلما مات طلبته لتقتله، فخرج تارة إلى بني عامر وتارة إلى ثقيف، وتارة إلى بني شيبان، ولم يكن يتجاسر على المقام بمكة إلا مستترا حتى أجاره مطعم بن عدي. ثم خرج إلى المدينة فبذلت فيه مائة بعير لشدة حنقها عليه حين فاتها فلم تقدر عليه. فما بالها بذلت في أبي بكر مائة بعير أخرى وقد كان رد الجوار وبقي بينهم فردا لا ناصر له ولا دافع عنه يصنعون به ما يريدون؟ إما أن يكونوا أجهل البرية كلها، أو يكون العثمانية أكذب جيل في الأرض وأوقحه وجها، وهذا مما لم يذكر في سيرة ولا روي في أثر ولا سمع به بشر ولا سبق الجاحظ به أحد.
قال أبو جعفر:
ما أعجب هذا القول إذ تدعي العثمانية لأبي بكر الرفق في الدعاء وحسن الاحتجاج، وقد أسلم ومعه في منزله ابنه عبد الرحمن فما قدر أن يدخله في الإسلام طوعا برفقه ولطف احتجاجه ولا كرها بقطع النفقة عنه وإدخال المكروه عليه، ولا كان لأبي بكر عند ابنه عبد الرحمن من القدر ما يطيعه فيما يأمره به ويدعوه إليه. كما روي أن أبا طالب فقد النبي
صلى الله عليه وسلم
يوما - وكان يخاف عليه من قريش أن يغتالوه - فخرج ومعه ابنه جعفر يطلبانه، فوجده قائما في بعض شعاب مكة يصلي وعلي معه عن يمينه، فلما رآهما أبو طالب قال لجعفر: تقدم وصل جناح ابن عمك، فقام جعفر عن يسار محمد
صلى الله عليه وسلم ، فلما صاروا ثلاثة تقدم رسول الله
صفحه نامشخص