أما البطرك الحبيشي فدين، والدين لا يخلط بين كهنوته ومشيخته.
أما استبداده فلا أنكره، وكيف أنكر وقد قرأت - لا أذكر لمن: «تحت ثوب كل كاهن حاكم مستبد»؟
وكيف أنكر وقد تمرست بالكثيرين منهم؟ ولكن هذا الاستبداد لا ينفي: «إنما الأعمال بالنيات.» فكم في التاريخ ممن اعتقدوا أنهم بالاضطهاد قدموا لربهم ذبيحة كما اشترطت التوراة: لا عمياء ولا عرجاء ولا ضعيفة ...
أنا أدافع عن الحبيشي ومقياسي القصبة والباع والقامة، لا الإنش ولا السنتيمتر، ثم لا ننس أنه كان يحكم الجبل دينيا إلى جانب المالطي الذي كان يحكمه مدنيا.
ولا ننس أيضا أن الكنيسة كانت تساس في ذلك الزمان بالعنف، ولو كنت أنا وأنت يا أخي يوسف في ذلك العهد لزرنا قنوبين وسراي بتدين ...
إن المثل الأعلى يتبدل، وما نراه اليوم حقا قد يصير بطلا.
ماذا تريد من بطرك أن يفعل وأحد أساقفته؛ المطران بطرس أبو كرم، أسقف بيروت، يصدر رسالة رعائية أطول من يوم الجوع، صفحاتها 85، وتطبعها رومة سنة 1830، وما هذا المنشور غير رد على يونس كين صاحب أسعد؟
والكتاب عندي أنشر هنا أولى صفحاته للتاريخ والعبرة:
رسالة رعائية
مؤلفة من السيد الجليل بطرس أبو كرم؛ مطران بيروت الماروني الكلي الشرف والاحترام، منفذة منه إلى أبناء رعيته خصوصا، وإلى غيرهم عموما؛ دحضا وتفنيدا كاثوليكيا للمكتوب الأراتيكي، المحرر في 5 أيلول سنة 1825، من الرجل البيبليشي الأماريكاني الضال يونس كين، الذي بعد أن ذهبت سدى اجتهاداته، وحيل أرفاقه الأراتقة في أن يجذبوا إلى ضلالهم المبين بعض الأشخاص البسيطين من سكان جبل لبنان وغيرهم. وكان قدس السيد يوسف حبيش؛ بطريرك الموارنة الأنطاكي الكلي الطوبي، ومثله كثيرون من الرؤساء الكنايسين نهضوا لمقاومة هؤلاء المضلين، وبددوا وأحرقوا كتبهم ، فهو؛ أي يونس كين، حين سفره من بيروت، قد أشهر المكتوب المرقوم بصفة وداع منه إلى أحبابه في بلاد فلسطين وسوريا، ومن ثم التزم السيد المطران المذكور بأن يدحضه في هذي الرسالة، التي قد طبعت الآن بإذن الرؤساء في مطبعة مجمع انتشار الإيمان المقدس في مدينة رومية سنة 1830.
صفحه نامشخص