259

رسائل الحکمة - الکتاب الأول

ژانرها

============================================================

المقصر منكم منل رجل سار في جملة خلق كتير، وجم غفير، طالبين بعض البلاد، فهجم عليهم اليل وهم في مسيرهم، فنزلوا بصحراء عظمى وبرية قفراء، لا يعرفها فيهم غير الأدلاء، فنزلوا بباحانها، وحلوا بفنائها، فرقد الرجل في أول ليله قليلا، وسهر بعد نومه طويلا، مرتقب الصباح، ل ومننظر الفجر إذا لاح، خوفا أن ينقطع من رفقته وصحبته. فغلب عليه النوم فرقد، لما رأى الليل قد طال عليه وبعد. فلاح الصبح وهو راقد، وسار القوم وهو غير ساهد. فسار بهم الدليل، وأبعدوا في الرحيل، فاستيقظ الرجل من نومه ورقدته، لا يدري أين أخذوا رفقته وصحبته. فبقي حيران لا يجد له أنيسا، ولا يسمع في نلك البرية حسيسا، ولا يصبيب له هذاك رفيفا، ولا هادبا بدله على الطريق. فكيف يكون في تلك البرية حاله، وقد تقطعت من اللحوق لصحبته آماله فاحذروا أيها الموحدون من غلبة الوسن. وارتقبوا ظهور الحق في كل عصر وزمن، ولا ح تركنوا إلى النقصير، بعد الطلب والنتشمير . واجتنوا تمرات الحكمة من شجرها وجنانها، وانهلوا ماء الحياة من عيونها وبنبوعانها. فإن حقائق الحكمة تكشف لكم عن مشكلانها، وتفتح لكم أغلاقها ول و أقفالها. فلا تكونوا كالذين قالوا سمعذا وهم لا يسمعون، ويقولوا آمذا وأكثرهم مشركون. فإن السل قد وردت عليكم، والدعاة قد بعنت إليكم. وقد هبت أرياح الرحمة من جميع آفاقها، و اننشرت سحب النعمة من جمبيع جهانها. وهطلت أوائل الحكمة على جميع أقطارها. فأصاب ينها سهلها وجبالها، فسالت أودينها وأنهارها. ورسخ في الأرض الزكية غينها وماؤها. ورجع عن الأرض السبخة الردية لقلة قبولها وزكانها. فدبروا هذه الأمثال واحمدوا مولاكم سبحانه على ما خلصكم من

صفحه ۲۸۵