الإجماع على عدمه.
وكذا ما دل على جواز تقليد المجتهد من النص، مثل قوله (عليه السلام): " فللعوام أن يقلدوه " (1)، فإنه ظاهر في الأول لا فيما نحن فيه أيضا. على أنه أيضا نوع تقليد ، مع أن كلامكم ومقتضى دليلكم الصحة لو طابقت الواقع، وإن لم يقلد مجتهدا، ولا يحكم بصحتها أحد أبدا.
فإن قلت: المسلمون في الأعصار والأمصار كانوا يأخذون عن غير الفقيه أيضا، مثل الآباء والأمهات والأساتيد والمعلمين، من غير أن يعلموا أنهم أخذوا ذلك من الفقيه، وما كانوا يلاحظون ذلك مطلقا.
قلت: لا شك في (2) أن المسلمين كانوا صنفين، صنف منهم كانوا متدينين بالدين متعبدين، وصنف منهم كانوا لا يبالون بالدين متسامحين متساهلين، والله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) دائما كانوا يحذرون أمثال هؤلاء وينهون ويهددون ويوعدون، وكذلك بعدهم العلماء والفقهاء والواعظون (3) كانوا يعظونهم ويأمرونهم وينهونهم (4).
ومسلم عندكم أيضا أنهم كانوا عاصين في ترك المعرفة والتعلم، آثمين بذلك، ولذا عباداتهم لو كانت مخالفة للواقع كانت باطلة، وإلا لكان حكم الله الظاهري في شأنهم هو ما ارتكبوا.
فإن قلت: بقاء التكاليف (5) من ضروريات الدين، وكثيرا ما لا يؤخذ من
صفحه ۴۳