كما أنه إذا لم يكن مأخوذا من دليل شرعي ومطابقا له لا يكون حجة مطلقا - حيا كان أم ميتا - لكونه خطأ.
قلت:
أولا: إنه خلاف مقتضى عبارته، حيث أنكر المخالفة بين الحي والميت مطلقا، لا أنه جعل المعيار الإصابة وعدمها على حسب ما قلت.
وثانيا: إنه لا شك في أن المجتهد إذا حكم بشئ يكون في اعتقاده أن حكمه ذلك مطابق للدليل الشرعي، ومأخوذ منه، وإلا لا يحكم به قطعا، إلا أنه - من حيث عدم كونه معصوما - يجوز خطأ ما اعتقده، وكذا الأدلة لما كانت غالبها ظنيا لا يؤمن فيها الخطأ.
فإن أردت من الحقية والصوابية بالنظر إلى الحكم الظاهري، فحكم المجتهد دائما حق وصواب، لأنه بعد استفراغ الوسع وبذل الجهد حصل له العلم الذي فهمه، و * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * (1)، فإنه استحصل جميع شرائط الاجتهاد، التي هي شرائط أخذ الحكم الشرعي، من حيث إن كل شرط من تلك الشرائط له مدخلية في أخذ الحكم وفهمه واستيثاقه، وعدم الخطأ مهما أمكن، مدخلية واقعية أو احتمالية، فإنه لو لم يستحصل شرطا من تلك الشرائط وتحقق الخطأ في أخذه لعله يكون مقصرا غير معذور، وأما بعد استحصال الجميع لو تحقق الخطأ لا شك في كونه معذورا، إذ الخطأ - حينئذ - من أمر لا يكون تحت اختياره.
والقول بأنه يترك حينئذ جميع الأحكام الفقهية من حيث إنه يجوز أن يكون خطأ فاسد قطعا، لأنه مخالف لضروري الدين وما ثبت من الأخبار
صفحه ۱۷